مخواف من ظهور جُذري البقر و الجمال وحيوانات أخرى.
هل تخيلت أن هناك أنواعا أخرى من فيروس الجدري غير القرود؟ وما اللقاح الذي قد يشكل حماية من جذري القرود؟ ولماذا تظهر حالات جذري القرود فجأة في جميع أنحاء العالم؟
جذري القرود والبقر والجمال والراكون وفأر الحقل
ينتمي جُذري القردة إلى مجموعة تدعى جنس “فيروسات أورثوبوكس” (Orthopoxvirus)، التي تعود إلى عائلة فيروسية مادتها الوراثية من نوع “دي إن إيه” (DNA) تسمى بوكسفيريدي، وهي من أكبر الفيروسات حجما، وهذه المجموعة تحتوي أيضا على فيروس جدري البشر، وذلك وفقا لمقال في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي كتبه الدكتور محمد نورين بن أحمد الأهدل، أستاذ متقاعد في الفيروسات والمناعة، جامعة الفيصل، مستشفى الملك فيصل التخصصي.
وقال الدكتور الأهدل حتى الآن هناك سلالتان من فيروس جدري القردة، إحداهما في غرب أفريقيا (وهي أقل ضراوة) والأخرى في وسط أفريقيا، ونظرا لطبيعة الحمض النووي لهذا الجذري، فإن ظهور متحورات كثيرة منه (كما حدث مع فيروس كوفيد-19) نادر جدا.
وأضاف أنه تجب ملاحظة أن ما يسمى بـ”جذري الماء” (chickenpox) من عائلة مختلفة تماما؛ إذ ينتمي إلى عائلة “فيروسات الهيربيس” (varicella-zoster virus)، وتمت التسمية قديما لمشابهته لجُذري البشر في شكل الطفح الجلدي.
** للاستخدام الداخلي فقط** الشجره الجينية التي توضح التقارب الجيني لفيروسات الجدري – المصدر: منظمة المجتمع العلمي العربي
الشجرة الجينية التي توضح التقارب الجيني لفيروسات الجدري (منظمة المجتمع العلمي العربي)
عزل مرضى جدري القرود 21 يوما
من أجل الحد من الحالات الأولى من جذري القرود في ألمانيا، أوصى وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ بعزل المصابين لمدة 21 يوما على الأقل، وذلك على هامش مشاركته في يوم الأطباء الألمان بمدينة بريمن أمس الثلاثاء.
وأعلن الوزير اليوم الأربعاء أنه تم طلب ما يصل إلى “40 ألف جرعة” من لقاح الجدري “إمفانيكس” (Imvanex)، الذي صرحت الولايات المتحدة باستخدامه لمعالجة جدري القرود، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالإعداد لتطعيم الأفراد الذين خالطوا أشخاصا مصابين.
وأوضح الوزير أنه يمكن استخدام اللقاح لمنع العدوى، ويستخدم كذلك لمنع أو -على الأقل- تأخير ظهور الأعراض لدى المصابين بالفعل. وقال الوزير “أتوقع أن نحصل هنا على احتياطي من اللقاح قريبا”.
لقاح الجدري “إمفانيكس”
وتمت الموافقة على “إمفانيكس” للجدري في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2013. والدواء غير معتمد للوقاية من جذري القرود في الاتحاد الأوروبي. وأشارت منظمة الصحة العالمية مؤخرا إلى أن هذا اللقاح غير متوفر عالميا على نطاق واسع.
وذكرت السلطات الصحية البريطانية أنه تم إعطاء أكثر من ألف جرعة من لقاح “إمفانيكس” إلى أشخاص خالطوا مصابين بجدري القرود منذ الظهور الأول للمرض في البلاد.
وقالت متحدثة باسم وكالة الأمن الصحي البريطانية أمس الثلاثاء، ردا على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية، إنه يوجد حاليا 3500 جرعة أخرى في المخازن.
جدري القردة مرض نادر يشفى المصابون به تلقائيا
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن جذري القرود يعد نادرا وعادة ما يشفى المصاب به تلقائيا.
عادة ما يشفى المصابون بجذري القدرة تلقائيا، كما هو معروف حتى الآن، وتستمر الأعراض لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى 3 أسابيع. وتحدث الحالات الشديدة بشكل أكبر لدى الأطفال وترتبط بمدى التعرض للفيروس والحالة الطبية للمريض وشدة المضاعفات.
تختلف نسبة الوفيات جراء المرض من 1 إلى 10%، اعتمادا على المتحور (هناك متحوران)، وهي نسب لوحظت في المناطق التي يتوطن فيها المرض، في البلدان ذات النظام الصحي الضعيف.
لكن الرعاية الطبية المناسبة تقلل من الخطر بشكل كبير، ويتعافى معظم المصابين تلقائيا. وفي البلدان التي اكتشف فيها المرض أخيرا، كانت الحالات بمعظمها خفيفة ولم تسجل أي وفيات.
لماذا تظهر حالات جدري القرود فجأة في جميع أنحاء العالم؟
قدمت ميليسا ديفي محررة الطب والصحة بصحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية عدة نظريات حول سبب ظهور حالات جذري القرود فجأة، كما يلي:
تضاؤل الحماية من لقاحات الجدري
قالت البروفيسورة راينا ماكنتاير، التي ترأس برنامج الأمن الحيوي في معهد كيربي بأستراليا، للمجلة الطبية الأسترالية إن ضعف المناعة من التطعيم ضد الجدري قد يسهم في زيادة تفشيه. فقد مرت أكثر من 40-50 عاما منذ توقف التطعيم الشامل.
قدم لقاح الجذري ميزة إضافية تتمثل في الحماية القوية ضد جدري القرود.
وحذرت دراسة -نشرت في مجلة “بي إل أو إس نيغلكتيد تروبيكال ديزيزز” (PLOS Neglected Tropical Diseases) فبراير/شباط الماضي- من ارتفاع حالات جذري القرود، وعزت ذلك أيضا إلى توقف التطعيم ضد الجُذري على نطاق واسع، نظرا لإعلان منظمة الصحة العالمية القضاء على الفيروس. وفي بعض البلدان التي تم فيها اكتشاف الفيروس، مثل أستراليا، لم يتم التطعيم الجماعي ضد الجُذري مطلقا.
الحالات في الواقع ترتفع منذ فترة
لاحظ علماء الأوبئة تزايد أعداد الحالات قبل أن تصدر منظمة الصحة العالمية تحذيرها في وقت سابق من مايو/أيار الجاري.
وكانت هناك دعوات لتحسين المراقبة والكشف على مستوى العالم لحالات جدري القرود قبل الإنتشار الحالي، بسبب البيانات التي تشير إلى عودة ظهور المرض.
بين عامي 2010 و2019، عادت الحالات إلى الظهور في ليبيريا وسيراليون بعد غياب دام 4 عقود، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى بعد 3 عقود.
ومنذ أن بدأت جائحة “كوفيد-19″، أصبح الباحثون والعاملون الصحيون في جميع أنحاء العالم أكثر يقظة لأعراض الفيروسات وأصبحوا أسرع في الإبلاغ عن أي شيء غير عادي، مما يساعد على اكتشاف الحالات.
احتمال حدوث تحور
ليس من السهل انتشار فيروس جُذري القرود من إنسان إلى آخر؛ إذ وجدت إحدى الدراسات أن 3% من المخالطين القريبين لشخص مصاب بجذري القرود سيصابون بالعدوى.
لكن الإرتفاع الغريب في عدد الحالات زاد من احتمالية تحور الفيروس بطريقة تزيد من احتمال انتقاله من شخص لآخر.