اخبار مهمةفي الواجهة

فاطمة الزهراء المنصوري تعترف بالفشل: أزمة الثقة تتفجّر من داخل المعبد السياسي

في خُطوة نادرة، وربما متأخرة، خرجت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، ومنسقة القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، بتصريح أشبه ما يكون بـالاعتراف السياسي العلني بفشل المنظومة الحزبية والمؤسساتية في المغرب. ففي ظهورها التلفزيوني الأخير، أقرّت بوجود “فتور” و”تعثر واضح” في العمل السياسي، مؤكدة أن دعوة الملك محمد السادس إلى “اليقظة” في افتتاح الدورة البرلمانية لم تأتِ من فراغ، بل تعكس إحساسًا ملكيًا عميقًا بتراجع أداء الأحزاب والمؤسسات.

لكن ما أثار الانتباه أكثر من التصريح ذاته، هو أن الاعتراف جاء من داخل أحد أقوى أحزاب الأغلبية، ومن وزيرة تتحمل مسؤولية تنفيذية عليا، وشخصية سياسية تُعتبر من رموز “الجيل الجديد” المفترض أنه جاء لتصحيح الاختلالات.

فهل نحن أمام نقد ذاتي حقيقي؟ أم مجرد محاولة استباقية لإعادة التموقع وسط موجة الغضب الشعبي والفتور السياسي؟

أزمة ثقة أم إفلاس شرعية؟
حين تُقرّ الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، بأن الفرق الشاسع بين عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية والمشاركين في الاقتراع هو “مؤشر خطير على تراجع الثقة”، فإننا لا نتحدث فقط عن مشكل تقني أو ظرفي، بل عن أزمة شرعية سياسية خانقة، تضرب في عمق التعاقد بين المواطن والمؤسسة الحزبية.

ما لا تقوله الوزيرة صراحة هو أن الفاعل السياسي فقد احترام الشارع، لأن أغلب الأحزاب تحوّلت إلى نوادٍ انتخابية موسمية، ومراكز لتوزيع المناصب والمصالح، لا مصانع لصناعة الأفكار والبدائل. ومن الطبيعي أن يردّ الشارع المغربي بمزيد من العزوف والتوجس وحتى الازدراء.

في تصريحها، تدعو المنصوري الأحزاب إلى “الانفتاح على جيل جديد من الشباب”، وتؤكد على “احتضانهم”، لكن الحقيقة الميدانية تُكذّب هذا الطرح:

كم عدد الشباب الذين يتقلدون مناصب حقيقية في قيادة الأحزاب؟

كم من شاب تم دفعه إلى الهامش لأنه لا “ينتمي لعائلة سياسية” أو لا يجيد “لعبة الولاء والانحناء”؟

بل كم من الشباب غادروا التنظيمات الحزبية، لأنهم واجهوا جدراناً من الاستبداد الداخلي والإقصاء؟

الحديث عن الشباب جميل في الخطابات، لكنه يتحول إلى مجرد ديكور انتخابي كلما اقتربت لحظة اقتسام الكعكة السياسية.

تبرير بـ”حسن النية”: وهم سياسي آخر
تقول فاطمة الزهراء المنصوري إن “الأغلبية الساحقة من السياسيين تشتغل بحسن نية لخدمة الصالح العام”، وكأن حسن النية وحده يُعفي من المحاسبة أو يُنتج تغييراً!
إن أكبر مشكلات الخطاب الحزبي اليوم هي الخلط بين النوايا والمردودية. فالمواطن لا يبحث عن سياسي “طيب” أو “نواياه حسنة”، بل عن سياسي فعال، جريء، شجاع، شفاف، يُحدث فرقاً في حياته اليومية.

أما التباكي على “شيطنة العمل السياسي”، فهو خطاب دفاعي مُستهلك يُستعمل للهروب من السؤال الحقيقي: ماذا قدمتم؟ وأين هي النتائج؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى