اخباراخبار مهمةحوارات الصحافةفي الواجهة

الحكومة :البطالة في المغرب “ضحية الجفاف”!

في سابقة لا تخلو من الغرابة، قررت الحكومة المغربية، وعلى لسان ناطقها الرسمي مصطفى بايتاس، تحميل الغيوم مسؤولية ارتفاع البطالة، في مشهد عبثي يعكس إفلاسًا واضحًا في الرؤية التنموية وفقرًا مُقلقًا في خطاب الحكامة.

فخلال حلوله ضيفًا على برنامج “نقطة على السطر” على القناة الأولى، قدّم بايتاس تفسيرًا غير متوقع لواقع البطالة في المغرب، مفاده أن “قلة التساقطات” و”السنوات العجاف” هي من أوصلت البلاد إلى هذه الأرقام السوداء في سوق الشغل.

عندما يصبح المطر برنامجًا اقتصاديًا
المثير في كلام بايتاس ليس فقط تحميل المناخ مسؤولية إخفاق السياسات العمومية، بل أيضًا رهانه المفتوح على “سنة ماطرة” لتغيير الواقع.

“لو نزل المطر، لتجاوزنا 6 في المائة من النمو”، يقول الوزير، وكأن التنمية مجرد نشرة جوية تنتظر رحمة السماء، لا ثمرة تخطيط وسياسات عمومية مسؤولة.

هذا الخطاب لا يُقدّم تفسيرًا، بل يُقدّم تبريرًا مُعدًا مسبقًا للهروب من المحاسبة، ويعكس غياب أي استراتيجية فعالة لخلق فرص الشغل بعيدًا عن رهانات المطر وتقلبات المناخ.

بطالة متفاقمة… وسياسة “الصدفة” مستمرة
البطالة في المغرب تجاوزت 13% بحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط، وفي بعض الفئات العمرية (خصوصًا بين الشباب) تصل إلى مستويات كارثية تفوق 30%.

لكن بدل أن تتحمل الحكومة مسؤولية هذا الفشل في تحفيز الاستثمار، ودعم الاقتصاد غير الفلاحي، وتنويع مصادر النمو، نراها ترمي الكرة في ملعب الطقس، وكأن السياسات العمومية يجب أن تتوقف خلال الجفاف!

زلة لسان أم زلة عقل؟
وبعيدًا عن البطالة، وجد بايتاس نفسه مضطرًا لتفسير زلة لسان سابقة، حين ادعى أن الحد الأدنى للأجور في القطاع العام هو 10 آلاف درهم، وهو رقم أثار سخرية واسعة. اليوم، يعود الوزير ليؤكد أن المقصود كان متوسط الأجور، لا الحد الأدنى، ثم يختم دفاعه بمثل شعبي: “طاحت الصمعة حلقو الحجام”، وكأن الخطأ في المعلومة مسألة عرضية لا تستحق التوقف عندها.

لكن الحقيقة أن هذا النوع من التصريحات لا يعكس فقط عدم الدقة، بل يُبرز فجوة معرفية مقلقة بين الواقع وبين الخطاب الحكومي. فهل يحق لمسؤول رسمي أن يُخطئ بهذا الشكل في معلومة حساسة مثل الأجور؟ أم أن “الزلة” الحقيقية هي الثقة في حكومة تبرر إخفاقها بالأمطار وتغطي عجزها بالأمثال الشعبية؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى