سابقة قانونية بالمغرب : رسائل “واتساب” لا تُعد تشهيرًا إلكترونيًا

في قرار يُرتقب أن يُحدث نقاشًا واسعًا في الأوساط القانونية والقضائية بالمغرب، أصدرت محكمة النقض مؤخرًا حكمًا حاسماً يضع حدودًا واضحة لتعريف التشهير الإلكتروني في ظل تزايد القضايا المرتبطة بوسائل التواصل الحديثة، وخاصة تطبيق “واتساب”.
فقد قضت المحكمة، في قرار نهائي حديث، بأن الرسائل الخاصة المرسلة بشكل فردي عبر “واتساب” لا تندرج ضمن خانة التشهير، حتى وإن تضمنت عبارات قدحية أو اتهامات ذات طابع مسيء.
وجاء في تعليل الحكم أن الرسالة المعنية، والتي استندت عليها شكاية بالسب والقذف الإلكتروني، كانت موجهة من هاتف المتهم مباشرة إلى هاتف الضحية في نطاق شخصي وخاص، ولم يتم نشرها في مجموعة أو مشاركتها مع الغير، وهو ما جعل المحكمة تعتبر أن عنصر “النشر” غير متحقق، وهو عنصر أساسي لتوصيف الفعل كتشهير إلكتروني بموجب الفصل 447.2 من القانون الجنائي المغربي.
ينص الفصل المذكور على معاقبة كل من قام عمداً، وبأي وسيلة بما فيها الأنظمة المعلوماتية، بنشر أو توزيع أقوال أو معلومات أو صور تمس الحياة الخاصة للغير دون رضاه، وهو ما لم يتوفر في النازلة المعروضة.
قرار محكمة النقض يُعد اجتهادًا قضائيًا غير مسبوق، يُكرّس مبدأ التمييز بين الرسائل الخاصة والمحتوى المنشور للعامة.
ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه القضاء المغربي ارتفاعًا في عدد القضايا المتعلقة بالسب والقذف والتشهير عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وسط مطالب بتحديث القوانين لتواكب التطورات الرقمية.
ويُمكن اعتبار هذا الحكم توجيهًا للمحاكم الأدنى درجة، بأن الرسائل الخاصة، حتى إن كانت مهينة، لا ترقى إلى مستوى “التشهير الإلكتروني” ما دامت لم تُنشر أو تُوزع على العموم.
ما الفرق بين الإهانة والتشهير؟
القرار يُعيد طرح السؤال الجوهري:
هل الإهانة في رسالة خاصة تُعتبر جنحة؟
الجواب، بحسب هذا الاجتهاد القضائي، هو: قد تُشكّل سبًّا أو قذفًا يُعاقب عليه بقوانين أخرى، لكنها لا تُعد “تشهيرًا إلكترونيًا” إلا إذا تم نشرها أو تعميمها.
بالتالي، يُمكن تحريك دعوى جنحية على أساس القذف أو السب غير العلني في بعض الحالات، لكن ليس على أساس الفصل 447.2 الذي يرتبط بالنشر العمومي عبر الوسائط الرقمية.