المغرب يُعزّز قوته الاستخباراتية من الفضاء

في خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا استخباراتية وأمنية عميقة، دخل المغرب مرحلة جديدة من التمكين الفضائي، من خلال صفقة ضخمة لاقتناء أقمار صناعية من الجيل المتقدم “أوفيك 13″، مستفيدًا من أحدث تقنيات المراقبة عبر الرادار ذي الفتحة الاصطناعية (SAR)، وهي تقنية تُتيح تتبع التحركات بشكل دقيق على مدار الساعة وفي جميع الظروف المناخية، بما في ذلك السحب والعواصف الترابية.
صفقة بقيمة تفوق 500 مليون يورو
الأقمار الجديدة تم تطويرها بشراكة بين شركتي “تاليس ألينيا سبايس” الفرنسية و“إيرباص ديفنس أند سبايس” الأوروبية، وتُعتبر جزءًا من صفقة تتجاوز قيمتها 500 مليون يورو، ما يعكس حجم الرهان المغربي على امتلاك أدوات متطورة لرصد التهديدات والتحديات المستجدة.
وتأتي هذه الخطوة بعد اقتراب انتهاء العمر الافتراضي للأقمار التي يستخدمها المغرب حاليًا، وعلى رأسها القمران الصناعيان “محمد السادس أ” و”محمد السادس ب”، واللذان لعبا دورًا محوريًا في تطوير قدرات الاستطلاع العسكري والمدني طيلة السنوات الماضية.
تغطية أمنية شاملة للحدود والمنطقة العازلة
يُرتقب أن تُشكّل الأقمار الجديدة رافعة استخباراتية غير مسبوقة، خصوصًا في تغطية الحدود الشرقية والمنطقة العازلة بالصحراء المغربية، وهي مناطق تعرف بين الحين والآخر نشاطات مشبوهة وتحركات لمجموعات انفصالية أو شبكات تهريب.
وسيساعد هذا التطور في تتبع التحركات على الأرض في محيط الساحل الإفريقي، وهي منطقة تُعد من أكثر بؤر التوتر الأمني في القارة، بفعل تنامي أنشطة الجماعات المتطرفة والمهربين وعصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
حماية السواحل وتعزيز الجاهزية البحرية
على الواجهة البحرية، سيعزز الحضور الفضائي المغربي قدراته في رصد محاولات الهجرة غير النظامية والتهريب البحري، خاصة على طول السواحل الأطلسية والبحر الأبيض المتوسط. وتُمكِّن هذه الأقمار المغرب من امتلاك رؤية فورية وشاملة للأنشطة البحرية، ما يُسهم في الرد السريع ومنع الاختراقات المحتملة.
دعم مباشر للقيادة العسكرية
على المستوى العسكري، ستُوفر هذه المنظومة الفضائية الجديدة معلومات استخباراتية حية وآنية، يتم توجيهها مباشرة إلى القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، ما يُمكن من تحسين جودة التقديرات، وتخطيط العمليات بدقة، وتقليص الخسائر البشرية والمادية.
كما تتيح هذه المعلومات قدرًا عاليًا من التحكم الميداني، وتسهل اتخاذ القرارات العملياتية بناءً على معطيات آنية، في مختلف الجبهات والاتجاهات، سواء داخل التراب الوطني أو في المهام المرتبطة بالأمن الإقليمي.