الجزائر تتلقى صفعة قوية من الرئيس الأمريكي “ترامب”

في حدث دبلوماسي لافت يحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، يستعد الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، للتوجه يوم الثلاثاء المقبل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، وذلك تلبيةً لدعوة رسمية من البيت الأبيض للمشاركة في قمة رفيعة المستوى تجمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب عدد من قادة دول غرب إفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي، من بينها السنغال، الغابون، غينيا بيساو، وليبيريا.
هذه القمة، التي تُعقد لأول مرة بين إدارة ترامب وزعماء غرب إفريقيا، لا يُنظر إليها كمجرد لقاء بروتوكولي أو حدث دبلوماسي عابر، بل كمؤشر قوي على تحوّل في الاستراتيجية الأمريكية بالقارة السمراء. محللون أكدوا أن واشنطن بصدد إطلاق مقاربة جديدة لتعزيز نفوذها في إفريقيا، في سياق التنافس الدولي الحاد الذي تشهده المنطقة، خاصة مع التمدد الصيني المتسارع، وتنامي الحضور الروسي، الذي يتخذ طابعًا حذرًا ولكن ثابتًا.
وتحمل دعوة نواكشوط إلى هذا المحفل الدولي، بحسب المصادر ذاتها، دلالة واضحة على اعتراف أمريكي متزايد بالدور المحوري الذي باتت تلعبه موريتانيا في معادلة الساحل والصحراء، سواء من خلال انخراطها الفاعل في التحالفات الأمنية وعلى رأسها مجموعة دول الساحل G5، أو بفضل موقعها الجيوسياسي الاستراتيجي الذي يجعل منها حلقة وصل بين إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب العربي، وبوابة أطلسية ذات أهمية متزايدة.
واشنطن، كما يشير مراقبون، ترى في موريتانيا نموذجًا فريدًا في منطقة مضطربة، إذ نجحت في الحفاظ على استقرارها السياسي والأمني رغم التحديات الاقتصادية المحدودة، ما يجعلها شريكًا موثوقًا في أي مشروع أمريكي مستقبلي يهدف إلى ترسيخ الأمن والتنمية في الساحل الإفريقي.
في المقابل، كان لافتًا غياب الجزائر عن قائمة المدعوين إلى هذه القمة، في خطوة اعتبرها عدد من المحللين “صفعة دبلوماسية موجعة” لنظام العسكر، الذي بذل خلال السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة — سياسية ومالية — للاقتراب من مراكز القرار الأمريكي. فقد أنفقت الجزائر بسخاء على جماعات الضغط في واشنطن، وراكمت صفقات السلاح والعلاقات العامة، أملاً في نيل موقع متقدم في التصور الأمريكي للمنطقة، لكن النتائج بقيت دون المأمول.
ويرى المراقبون أن استبعاد الجزائر يعكس استمرار الفتور في علاقاتها مع واشنطن، بسبب افتقار النظام الحاكم للشرعية الداخلية، وغموض مواقفه في القضايا الدولية، فضلًا عن ارتهانه المتزايد لسياسات موسكو وبكين. كما أن الخطاب “الثوري” الذي تروّج له الجزائر لم يعد مقنعًا في زمن التحالفات الواقعية، القائم على تقاطع المصالح والفعالية في ملفات الأمن والتنمية.
وترى ذات المصادر أن هذه القمة تحمل في طياتها رسائل واضحة: فصناعة النفوذ لا تُبنى بالخطابات الرنانة ولا بالشعارات القديمة، بل بالاستقرار الداخلي، والانخراط المسؤول في المبادرات الأمنية والتنموية. وبينما ستجلس موريتانيا إلى طاولة الحوار مع الولايات المتحدة، سيُترك للجزائر مراقبة المشهد من بعيد، لعلها تعيد تقييم مقاربتها وتدرك أن موقع الدول في موازين القوة يُصنع في الداخل، لا في أروقة الفنادق الفخمة ولا في جولات الترويج السياسي العابرة.