عرقلة الإعتراف البريطاني بمغربية الصحراء

تحوّل ملف الصحراء المغربية إلى بوصلة حقيقية للعلاقات المغربية-البريطانية خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن تأكدت مغادرة السفير البريطاني سيمون مارتن منصبه وسط اتهامات برلمانيين محافظين له بـ«عرقلة» مسار اعتراف لندن بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية. ورغم أن الحكومة البريطانية خطت خطوة مهمة قبل أسبوعين بدعم مخطط الحكم الذاتي بوصفه «الخيار الأكثر جدية وواقعية» لحل النزاع
، فإن السفارة في الرباط لم تبدأ بعدُ في تفعيل هذا التحوّل، سواء عبر تحديث خرائطها الرسمية أو رسائلها الإعلامية.
خلفيات التغيير الدبلوماسي
بدأت القصة قبل عام عندما انتقد النائب المحافظ دانييل كاتشينسكي أداء السفير مارتن، متهماً إياه بتقديم مبررات «غير مقنعة» للإبقاء على موقف الحياد التاريخي للمملكة المتحدة
ومع تزايد الضغط داخل مجلس العموم، أعلنت لندن في فبراير الماضي تعيين الدبلوماسي ألكسندر جايلز بنفيلد سفيراً جديداً. ويتوقع أن يصل بنفيلد إلى الرباط في أغسطس 2025 حاملاً تعليمات لتنزيل الموقف البريطاني المستجد على الأرض
لماذا تأخر «التنزيل الميداني»؟
على عكس ما حدث مع الولايات المتحدة عام 2020، حين سارعت واشنطن إلى اعتماد خريطة المغرب كاملة في كل وثائقها الرسمية ساعات بعد إعلان الاعتراف، لم تُقدم السفارة البريطانية حتى الآن على خطوة مماثلة. ويعزو مراقبون هذا التريث إلى فترة انتقالية دبلوماسية ريثما يتسلّم بنفيلد مهامه رسمياً، إضافة إلى حاجة الخارجية البريطانية إلى تنسيق تقني مع وزارات الدفاع والتجارة لضبط المصطلحات والخرائط في جميع السفارات والملحقيات.
رهانات المرحلة المقبلة
التفعيل الرمزي: ينتظر المغرب من السفارة البريطانية نشر الخرائط الكاملة واعتماد المصطلحات التي تكرّس الوحدة الترابية للمملكة في البيانات والتقارير.
الرافعة الاقتصادية: من شأن الوضوح السياسي أن يسرّع مشاريع استثمارية بريطانية في الأقاليم الجنوبية، لا سيما في الطاقات المتجددة وموانئ الأطلسي.
الرسالة الإقليمية: يبعث دخول لندن على خط الاعتراف برسالة إضافية إلى العواصم الأوروبية المترددة بأن خيار الحكم الذاتي يحظى بكتلة غربية وازنة.
ما الذي يترقبه المغرب من السفير البريطاني الجديد؟
يراهن صانع القرار المغربي على أن السفير بنفيلد سيحمل “خريطة المغرب الكاملة” إلى مقر البعثة الدبلوماسية بشارع محمد الخامس، وأن أولى خطواته ستكون تثبيت هذا الواقع في اللوحات الجدارية والوثائق القنصلية. كما يُنتظر أن يفعّل الجانب البريطاني بنود التعاون الدفاعي الموقعة سنة 2023، والتي تتضمن تدريبات مشتركة في الصحراء.
مغادرة سيمون مارتن وتعيين أليكس بنفيلد يشكّلان لحظة مفصلية في مسار الاعتراف البريطاني بالصحراء المغربية. لكن الرباط ما زالت تنتظر الأفعال الميدانية التي تُترجم الموقف السياسي الجديد إلى واقع يومي داخل أروقة السفارة وعلى الخريطة الرسمية للمملكة المتحدة.