بعد إعفاء والي مراكش.. “تفكيك شبكة النفوذ” يشعل تحقيقات بمراكش

أثار قرار إعفاء والي جهة مراكش آسفي، فريد شوراق، مباشرة بعد عطلة عيد الأضحى، حالة من الترقب والدهشة في أوساط رجال الأعمال والمستثمرين، الذين بدأوا، تباعًا، في الكشف عن معطيات خطيرة حول شبكة نفوذ كانت تتحكم في دواليب القرار داخل ولاية الجهة، وتفرض “إتاوات” مقابل تسهيلات إدارية، وتلوّح بعلاقات مفترضة مع “جهات عليا”.
وجرى تعيين عامل عمالة الحوز والياً بالنيابة على رأس الولاية، ليجد نفسه أمام ملفات شائكة وشكايات قديمة “وُئدت” في الأدراج خلال فترات الولاة السابقين، فريد شوراق وكريم قسي لحلو، حيث كانت تُهمل المراسلات وتُرمى في سلة المهملات، خاصة تلك المرتبطة بشبهات استغلال النفوذ وتضارب المصالح.
جمعيات دينية واجهة للابتزاز
أحد أبرز وجوه هذه الشبكة كان يفرض على مقاولين دفع 4000 درهم شهريًا لجمعية تنشط في المجال الديني والروحي، مقابل “خدمات القرب من السلطة” وتسهيل الظفر بصفقات عمومية.
ويزعم هذا الشخص أنه يحظى بعلاقات نافذة مع مسؤولين كبار في المدينة، وهو ما دفع عددا من المقاولين إلى الرضوخ خوفًا من التعطيل أو الانتقام الإداري.
إلا أن بعضهم كشف أن هذه المساهمات لم تكن تضمن أي حماية، إذ استمرت العراقيل، وتضاعفت العراقيل في بعض الحالات.
صفقات عمومية تحت التهديد
أحد المقاولين المتضررين، والذي فضل عدم كشف هويته، أكد أنه فاز بصفقة عمومية عبر المساطر القانونية، وشرع في تنفيذ الأشغال بعد الحصول على الموافقة الرسمية، قبل أن يُفاجأ بمجهول يغلق المرفق العمومي في وجه عماله، معلنًا أنهم “غير مرغوب فيهم”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم إطلاق صفقة جديدة لنفس المشروع بقيمة مالية أقل، رست على شركة أخرى يعتقد أنها تحظى بامتيازات من الشبكة ذاتها، لتستأنف الأشغال من حيث توقفت الشركة الأولى، دون أي تفسير قانوني أو إداري من الجهات المعنية.
شكايات “مدفونة” واستقبال انتقائي من قبل والي مراكش السابق
يشير المقاول ذاته إلى أنه وجّه عدة مراسلات وشكايات للوالي السابق فريد شوراق، دون أن يتلقى ردًا أو تفاعلًا، بينما كان يرى “المسؤول عن الجمعية” يدخل إلى مقر الولاية ويُستقبل بحفاوة استثنائية، ما عزز فرضية أنه يتمتع بدعم أو حصانة غير معلنة، رغم غياب أي صفة رسمية له.
اليوم، وفي ظل التحقيقات التي فتحتها الولاية بعد التغيير في القيادة، بدأت الخيوط تتكشّف تدريجياً، إذ يجري التدقيق في مجموعة من الملفات، والاتصال بأصحاب الشكايات لبحث الوقائع، ومعرفة مدى تورط موظفين من داخل الولاية في التستر أو التواطؤ.
هل ينكشف المستور أخيرًا؟
تشير مصادر مطلعة إلى أن الوالي الجديد بالنيابة يتجه نحو فتح ورش تطهير داخلي يشمل آليات التفاعل مع الشكايات، وضبط طرق منح التراخيص، وتعامل الولاية مع الجمعيات والمجتمع المدني، بهدف استعادة ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، وإغلاق الباب أمام الابتزاز والزبونية.
ويبقى السؤال المطروح:
هل سينجح الوالي الجديد في فك شبكة النفوذ التي تغوّلت لسنوات داخل دواليب ولاية مراكش آسفي؟ أم أن “حدائق الفساد الخلفية” ستُعيد إنتاج نفسها بوجوه جديدة؟