رسالة من الصين بخصوص قضية الصحراء المغربية

في أجواء تعكس دينامية متصاعدة في العلاقات بين المغرب والصين، احتضنت العاصمة الرباط، يوم الخميس 12 يونيو 2025، ندوة فكرية متميزة نظمّتها دار النشر “دار التوحيدي”، تحت عنوان: “العلاقات المغربية-الصينية في ظل 25 سنة من الحكم”، وذلك بحضور شخصيات دبلوماسية وأكاديمية بارزة، على رأسها سفير جمهورية الصين الشعبية بالمغرب، السيد لي تشانغلين، ومديرة معهد كونفوشيوس بجامعة محمد الخامس، السيدة كريمة اليثربي.
شهادة تاريخية من السفير الصيني تُعيد إحياء لحظة مفصلية
وفي كلمة مؤثرة، استحضر السفير “لي تشانغلين” لحظة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى تداول الإعلام الصيني مؤخرًا لفيديو نادر يُظهر الملك الراحل الحسن الثاني وهو يُعبّر بوضوح عن دعم المغرب لانضمام الصين إلى منظمة الأمم المتحدة في ستينيات القرن الماضي. واعتبر السفير أن هذا الموقف يشكل شهادة دبلوماسية بليغة على بُعد النظر الذي ميّز السياسة الخارجية المغربية، مضيفًا أن الصين ما تزال تحتفظ بهذا الموقف في ذاكرتها السياسية باحترام وامتنان كبيرين.
تعاون استراتيجي يتجاوز الاقتصاد
وأوضح “لي” أن العلاقات المغربية-الصينية اليوم لم تعد تقتصر على البعد الاقتصادي، بل أصبحت نموذجًا للتفاهم السياسي والتعاون المتعدد الأبعاد، يشمل البنية التحتية، التحول الرقمي، الطاقات المتجددة، والتبادل الثقافي. كما أشار إلى أن قضية الصحراء المغربية باتت تحظى بمتابعة دقيقة داخل السفارة الصينية، حيث تم إنجاز ترجمات رسمية متعمقة ورفع توصيات مفصلة إلى الجهات المختصة في بكين، وهو ما رآه مراقبون مؤشرًا على تحول محتمل في موقف الصين من هذا الملف.
دعوة لنموذج تنموي مشترك مع الصين
من جهته، قدّم الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الأفريقي-الصيني للتنمية، مداخلة وازنة استعرض فيها ملامح النموذج التنموي الصيني، الذي وصفه بـ”الفريد”، لما يتميز به من تجذر حضاري وتخطيط استراتيجي بعيد المدى. وأكد بوشيبة في تدوينة لاحقة على صفحته بفيسبوك أن استثمارات الصين في البحث والتطوير تجاوزت 500 مليار دولار سنة 2024، داعيًا المغرب وباقي الدول الإفريقية إلى تسريع وتيرة الشراكات التكنولوجية مع العملاق الآسيوي لتعزيز السيادة المعرفية للقارة وتحقيق تموقع تنافسي في الاقتصاد العالمي.
كما عبّر بوشيبة عن تطلعه لأن تُبادر الصين، باعتبارها قوة دولية وازنة، إلى اتخاذ موقف داعم بشكل صريح لوحدة المغرب الترابية، انسجامًا مع روح الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين منذ عقود، ومساهمةً منها في بناء توازنات أكثر عدلاً في النظام الدولي الجديد.
إشارات دبلوماسية تحمل دلالات عميقة
وفي سياق متصل، أطلقت السفارة الصينية بالرباط سلسلة تغريدات بمناسبة اليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات، تضمّنت إشارات رمزية حول وحدة المغرب الترابية، من خلال الاستشهاد بمقتطفات من الدستور المغربي تبرز غنى الهوية الوطنية، بما فيها المكوّن “الصحراوي الحساني”. وقد فسّر عدد من المراقبين هذه الرسائل كتمهيد دبلوماسي محسوب نحو موقف صيني أكثر وضوحًا بشأن ملف الصحراء.