الجزائر تهدد بالحرب!

عادت لغة الحرب والخطر الخارجي لتطغى مجددًا على الخطاب الرسمي في الجزائر، بعدما تحولت إلى أداة مركزية في تبرير قرارات الدولة، وعلى رأسها الرفع المتواصل لميزانية الجيش وتعزيز حضور المؤسسة العسكرية في معادلة الحكم.
وزارة الدفاع الجزائرية أكدت في افتتاحية مجلة “الجيش” أن البلاد ماضية في “تقوية وتعزيز قدراتها الدفاعية”، معتبرة أن هذا النهج نابع من “وعي الجزائر بالتحديات الراهنة والمستقبلية” وسط عالم مضطرب إقليمياً ودولياً، على حد تعبيرها. كما أشادت بـ“الدبلوماسية الجزائرية النشطة” التي تسعى، وفق بيانها، إلى “استعادة الاستقرار السياسي والأمني في جوارها المتوتر، من خلال الحوار ورفض منطق السلاح”.
في المقابل، يرى معارضون أن هذا الخطاب ليس سوى وسيلة لإسكات الجبهة الداخلية وتبرير النفقات الضخمة على التسلح. شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري، قال إن النظام “يوظف باستمرار نظرية المؤامرة لشرعنة القمع الداخلي وتقليص الحريات، وتبرير قانون التعبئة وزيادة الإنفاق العسكري”، مشيراً إلى أن التصعيد ضد المغرب يدخل ضمن هذا التوجه، مع تحميل الرباط مسؤولية “مفترضة” في زعزعة استقرار الجزائر.
واعتبر بن زهرة أن الحديث المتكرر عن احتمالات الحرب والمؤامرات الخارجية يهدف إلى “تغذية الشعور بالخوف وتوجيه المواطنين نحو الاصطفاف خلف النظام، دون أن يعكس ذلك نية حقيقية في المواجهة”.
من جهته، قال الباحث في العلاقات الدولية، جواد القسمي، إن الخطاب العسكري يعكس حالة من التوتر الدبلوماسي والضعف الإقليمي الذي تعيشه البلاد، خاصة بعد توتر علاقاتها مع دول جوار مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو. وأضاف أن تبنّي خطاب المواجهة والمظلومية يخدم هدفين: الحفاظ على موقع الجيش كمؤسسة ضامنة للوحدة، وتبرير التسلّح المكثف في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد القسمي أن حديث الجزائر عن “حسن الجوار وعدم التدخل” يتناقض مع ممارساتها، مشيراً إلى تدخلاتها في شؤون دول الجوار ودعمها لجماعات بعينها، وهو ما جرّ عليها اتهامات مباشرة من أطراف إقليمية.
واختتم الباحث بأن هذا الخطاب ناتج عن “هيمنة نخب عسكرية جزائرية ما زالت رهينة منطق الحرب الباردة، وغير قادرة على صياغة تصور استراتيجي جديد يستجيب للتحديات الحديثة، ما يجعل الدبلوماسية الجزائرية فاقدة للرؤية المتجددة”.