الأسباب الحقيقية وراء إعفاء والي جهة مراكش ومعه والي جهة فاس

في خطوة غير مسبوقة تعكس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، قررت وزارة الداخلية إعفاء كل من والي جهة مراكش آسفي فريد شوراق، ووالي جهة فاس مكناس معاذ الجامعي من مهامهما، مع استدعائهما بشكل رسمي إلى المصالح المركزية بالرباط.
ويأتي هذا القرار ضمن سياق حازم لتفعيل قواعد الدستور المغربي، وضمان استقلالية السلطة الترابية عن كل التأثيرات الحزبية أو الرمزية غير المنضبطة لمقتضيات القانون والمؤسسات.
تعيينات مؤقتة في انتظار القرار الملكي
عقب الإعفاء، تم تكليف رشيد بنشيخي، عامل إقليم الحوز، بمهام والي جهة مراكش آسفي بالنيابة، في حين أُسندت ولاية جهة فاس مكناس مؤقتاً إلى عبد الغني الصبار، عامل مكناس، إلى حين تعيين ولاة جدد من طرف جلالة الملك محمد السادس.
خلفيات الإعفاء: خلط السلطة بالإيحاء الحزبي… وتجاوز دستوري في شعيرة الأضحى
تؤكد مصادر مطلعة أن قرار إعفاء الوالي فريد شوراق جاء بعد رصده في عدة مناسبات يخلط فيها بين ممارسة السلطة الترابية والانخراط في أنشطة ذات طابع حزبي، وهو ما يتنافى مع مهام رجل السلطة حسب الدستور المغربي.
لكن النقطة التي فجّرت الجدل، واعتُبرت خرقًا دستوريًا جسيمًا، تتعلق بفيديو متداول يوثق إشراف شوراق، رفقة إمام تابع للمجلس العلمي، على ذبح أضحية العيد نيابة عن ساكنة الجهة، في مخالفة مباشرة لتوجيهات أمير المؤمنين الملك محمد السادس، الذي دعا الأمة المغربية إلى عدم أداء الشعيرة، مؤكدًا أنه سيقوم بها نيابة عن الشعب وفق السنة النبوية.
خرق للفصل 41 من الدستور ومسّ بصلاحيات إمارة المؤمنين
تصف المصادر القانونية هذا الفعل بأنه تجاوز لصلاحيات دستورية حصرية، على رأسها ما ينص عليه الفصل 41 من الدستور، الذي يقرّ بأن الملك، بصفته أمير المؤمنين، هو الوحيد المخوّل برعاية الشؤون الدينية وضمان وحدة الأمة المغربية في شعائرها وهويتها الروحية.
ويُعد التصريح المرافق للفيديو، والذي تحدث عن “القيام بالذبح نيابة عن ساكنة الجهة”، خرقًا صريحًا لفكرة وحدة الأمة، عبر عزل منطقة جغرافية عن القرار الديني الوطني الموحد، ما يمسّ بشكل مباشر بمقام إمارة المؤمنين واختصاصاتها غير القابلة للتفويض، تمامًا كما هو الشأن في طقوس البيعة.
قراءة في الرسالة الملكية: حماية الشعيرة من العبث الرمزي
في الرسالة الملكية التي وجّهها الملك محمد السادس إلى الأمة، جاء بصريح العبارة:
“وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا، وسيرًا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، عندما ذبح كبشين وقال: هذا عن نفسي، وهذا عن أمتي.”
هذا التوجيه لا يترك مجالاً للتأويل أو الاجتهاد، ويُحظَر بموجبه على أي مسؤول، مهما كانت رتبته، تجاوز صلاحيات أمير المؤمنين في تدبير الشعائر الدينية ذات الرمزية السيادية.