صفقات النفايات الأوروبية نحو المغرب تثير الجدل

تتواصل حالة الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية بالمغرب، على خلفية ما أثير مؤخراً حول الوزيرة ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي، بعد تداول تقارير إعلامية أجنبية وأخرى وطنية، أشارت إلى شبهات تحوم حول صفقات طاقية مشبوهة “النفايات الأوروبية”، وعلاقات شخصية مثيرة للجدل، ربطت بين مصالح وزارية واستثمارات أجنبية ضخمة.
ورغم أن القضية لم تحظَ بأي توضيح رسمي أو تحقيق حكومي علني حتى الآن، إلا أن الرأي العام الوطني عبّر عن استغرابه من استمرار الوزيرة في منصبها دون مساءلة أو مساءلة برلمانية واضحة، خاصة وأنها تُشرف على قطاع استراتيجي يمسّ السيادة الطاقية للمغرب.
ويُسجل عدد من المتتبعين فشل الوزيرة في إيجاد حلول ناجعة لملف مصفاة “لاسامير”، الذي لا يزال يراوح مكانه، وسط اتهامات غير مباشرة بـ”التواطؤ الصامت” مع مصالح لوبيات المحروقات، التي تُهيمن على سوق التخزين والتوزيع في ظل ارتفاع الأسعار وغياب آليات الردع.
كما يُؤخذ على الوزيرة، بحسب المراقبين، الغموض المستمر في التعاطي مع ملف الاكتشافات النفطية والغازية، حيث ظل المواطن المغربي في الظل، دون أي توضيحات رسمية حول مدى جدية أو جدوى هذه الاكتشافات.
صفقة النفايات الأوروبية تفجر النقاش
إلا أن ما فجّر الجدل مؤخراً هو موضوع استيراد النفايات الأوروبية المسرطنة إلى المغرب، والتي وُصفت من قبل معارضين بأنها “نفايات سامة أو ملوثة”، وسط تخوفات من تداعياتها الصحية والبيئية على المغاربة، خاصة بعد تصريحات الوزيرة الأخيرة في البرلمان، والتي دافعت فيها عن هذه العمليات باعتبارها “مصدرًا بديلاً للطاقة”.
هذا التبرير، الذي لم يُقنع جزءاً كبيراً من المواطنين، فتح الباب أمام موجة انتقادات لاذعة على منصات التواصل الاجتماعي، التي تحوّلت إلى ما يشبه “برلمان رقمي”، طرح من خلاله النشطاء تساؤلات واضحة:
إذا كانت هذه النفايات مصدراً للطاقة، فلماذا تتخلص منها الدول الأوروبية؟
ولماذا تدفع مقابل نقلها إلى المغرب، بدلاً من استخدامها محلياً؟
وهل تتماشى هذه الصفقات مع رؤية المغرب نحو الانتقال الطاقي النظيف والمستدام؟
دعوات للمساءلة والشفافية
وسط هذه المعطيات، ترتفع الأصوات المطالِبة بـفتح تحقيق برلماني مستقل حول خلفيات صفقة النفايات الأوروبية، ومدى مطابقتها للمعايير البيئية والصحية الوطنية والدولية، إلى جانب المطالبة بتوضيحات حكومية حول الدور الحقيقي للوزارة في هذه الملفات.
ويبقى الصمت الرسمي حتى اللحظة، أحد أبرز العوامل التي تُغذي الشكوك، وتُضعف الثقة في مؤسسات الدولة، في وقت يُفترض فيه أن تكون الشفافية والمحاسبة هي العمود الفقري لتدبير الشأن العام.