المغرب يدشن أحدث سفينة للبحرية الملكية بقلب اسبانيا

في خطوة بارزة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين المغرب وإسبانيا في مجال الصناعات البحرية والدفاع، شهد حوض بناء السفن التابع لشركة “نافانتيا” بمدينة سان فرناندو الإسبانية، خلال هذا الأسبوع، مراسم مهيبة لتدشين أحدث سفينة دورية بحرية من طراز “أفانتي 1800+”، المصممة خصيصاً لتنضم إلى أسطول البحرية الملكية المغربية. ويأتي هذا الإنجاز النوعي تنفيذاً للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، في إطار الرؤية الملكية لتحديث وتطوير القدرات الدفاعية للمملكة، لمواكبة المتغيرات الأمنية المتسارعة التي يشهدها المحيط الإقليمي والدولي.
وقد حضر هذا الحدث الهام وفد رفيع المستوى من البحرية الملكية المغربية، إلى جانب كوكبة من الشخصيات المدنية والعسكرية الإسبانية المرموقة، يتقدمهم الرئيس التنفيذي لشركة “نافانتيا”، ورؤساء البلديات المحلية، بالإضافة إلى قادة القاعدة البحرية الإسبانية في قادس. هذا الحضور اللافت عكس الأهمية الاستراتيجية الكبرى التي يكتسيها هذا المشروع المشترك، وجدد الثقة المتبادلة في متانة التعاون الثنائي وقدرات الصناعة البحرية لدى البلدين.
وتتميز السفينة الحربية الجديدة “أفانتي 1800+” بمواصفات تقنية عالية وتصميم متطور، حيث يبلغ طولها الإجمالي 87 متراً وعرضها 13 متراً، وتتسع لطاقم مكون من 60 فرداً. وقد صُممت هذه القطعة البحرية لتنفيذ طيف واسع من المهام الحيوية بكفاءة عالية، تشمل مراقبة المياه الإقليمية والسواحل الوطنية، مكافحة أنشطة التهريب بمختلف أشكاله والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى تأمين وحماية الموانئ والممرات البحرية الاستراتيجية. ويشمل برنامج اقتناء هذه السفينة المتطورة دعماً فنياً ولوجستياً متكاملاً، فضلاً عن برامج تدريب وتأهيل متقدمة ومكثفة لأطقمها، لتشكل بذلك إضافة نوعية للأسطول المغربي، قادرة على مواجهة التحديات الأمنية المعقدة في حوضي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
وفي كلمته بالمناسبة، أكد ممثل البحرية الملكية المغربية أن هذه الخطوة الهامة إنما هي تجسيد حي للإرادة الملكية السامية الرامية إلى تحديث القوات المسلحة الملكية باستمرار وتطوير قدراتها العملياتية والردعية، بما يعزز من دورها الجوهري في حماية الأمن الوطني والمصالح العليا للمملكة وصون سيادتها. كما أشاد المسؤول المغربي بالعلاقات التاريخية المتينة والراسخة التي تجمع المملكتين الجارتين، والتي تترجم اليوم إلى شراكة حيوية واستراتيجية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والتعاون المثمر في المجالات التقنية واللوجستية العسكرية.
وتوجت المراسم بلحظة مؤثرة ورمزية، تمثلت في إطلاق السفينة الجديدة إلى مياه المحيط عبر آلية متقدمة، حيث شارك في الضغط على زر التدشين كل من ممثل البحرية الملكية والسيد ألبرتو سيرفانتيس، ممثل شركة “نافانتيا”، في مشهد يجسد الانطلاقة الفعلية لهذا المشروع البحري الطموح، والذي يُنتظر أن تستكمل كافة تجهيزاته ويُسلم رسمياً وجاهزاً للعمليات للبحرية الملكية المغربية خلال العام المقبل.
ويُعد تدشين هذه السفينة الدورية جزءاً لا يتجزأ من خطة شاملة وطموحة لتحديث أسطول البحرية الملكية وتعزيز دورها المحوري في حفظ الأمن البحري وتأمين المصالح الوطنية في الفضاء البحري للمملكة، خاصة في ظل التطورات الجيوستراتيجية المتسارعة التي تشهدها السواحل المغربية والتي تستدعي أعلى درجات اليقظة والجاهزية. كما يمثل هذا المشروع نموذجاً رائداً وناجحاً للتعاون الصناعي والتقني بين المغرب وجارته الشمالية إسبانيا، ويعزز مكانة المملكة كقوة بحرية صاعدة ومؤثرة على الصعيد الإقليمي.
وبهذا الإنجاز الهام، تخطو البحرية الملكية المغربية خطوة إضافية واثقة على طريق تحديث وتطوير قدراتها، مما يجعلها أكثر استعداداً وجاهزية لمواجهة التحديات الأمنية المستقبلية، ويرسخ مكانة المغرب ودوره الفاعل على خريطة الأمن البحري الإقليمي والدولي.