أزمة بين البوليساريو والجزائر: إنهاء مهام السفير يكشف توترًا غير مسبوق

في خطوة مفاجئة، أعلنت جبهة البوليساريو إنهاء مهام سفيرها لدى الجزائر، عبد القادر الطالب عمر، في وقت تُسجّل فيه ملامح توتر متصاعد بين الطرفين، ما يعيد الجدل حول مستقبل العلاقة بين الجبهة الانفصالية وحاضنتها الإقليمية الأكبر.
قرار دون تفسير رسمي يفتح باب التأويل
القرار، الذي تم الإعلان عنه دون تقديم أي مبررات رسمية من جانب البوليساريو، أثار موجة من التساؤلات حول ما إذا كان مجرد تحرك داخلي عادي ضمن هيكل الجبهة، أم أنه نتاج لخلافات حقيقية خلف الكواليس، خصوصًا بعد ما نشرته بعض وسائل الإعلام الجزائرية حول وجود تباينات حادة في الآونة الأخيرة بخصوص إدارة الملف الصحراوي.
ورغم أن الجزائر نظّمت حفل وداع رسمي للسفير المنتهية مهامه، واستُقبل من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، فإن هذه البروتوكولات لم تُخفِ شكوك المراقبين، الذين اعتبروا أن ما جرى يعكس تصدعًا محتملاً في العلاقة بين الجانبين.
تعيين جديد لا يُخفي أزمة الثقة
أعلنت البوليساريو لاحقًا عن إسناد مهام جديدة لعبد القادر الطالب عمر داخل هياكلها التنظيمية، لكن كثيرًا من المحللين رأوا في هذا التعيين تحركًا شكليًا لا يبدد الشكوك حول وجود أزمة داخلية. واعتبر البعض أن الأمر لا يتعلق بإعادة هيكلة، بقدر ما هو إعادة تموقع سياسي اضطراري في ضوء التغيرات الدبلوماسية والإقليمية.
تحولات داخل الجزائر نفسها
يأتي هذا التطور في سياق تحولات سياسية لافتة داخل الجزائر، حيث بدأت بعض الأصوات، من نخب ومحللين وحتى سياسيين، تُعبر عن رفض ضمني لاستمرار الدعم اللامشروط لجبهة البوليساريو، معتبرة أن هذا الملف أصبح عبئًا دبلوماسيًا على البلاد، خاصة مع تصاعد التقارير الدولية عن انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف.
هذا التحول في الخطاب الجزائري، وإن لم يتحوّل إلى موقف رسمي معلن، إلا أنه يكشف عن شرخ محتمل في توافقات الماضي، التي كانت تُدار من خلف الستار وبقدر كبير من التناغم.
أزمة بين البوليساريو والجزائر تلوح في الأفق
بحسب مراقبين، فإن أزمة بين البوليساريو والجزائر باتت أمراً لا يمكن تجاهله، خاصة مع بروز مؤشرات على عزلة متزايدة تعاني منها الجبهة حتى من قبل داعميها التقليديين. ويُضاف إلى ذلك ضعف خطابها الدبلوماسي في المحافل الدولية، وانكشاف هشاشة بنيتها السياسية، في وقت تُسجّل فيه المملكة المغربية تقدمًا ملحوظًا في مساعيها لتأكيد سيادتها على أقاليمها الجنوبية.