إسبانيا تبدأ تطبيق قانون هجرة جديد: تسهيلات غير مسبوقة للمهاجرين

دخل قانون الهجرة في إسبانيا رسميًا مرحلة جديدة، بعد بدء تطبيق أكثر تعديل جريء وشامل لقانون الأجانب منذ أكثر من عشر سنوات. هذا القانون الذي طال انتظاره يهدف إلى تسوية أوضاع مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، ويمنحهم فرصًا جديدة للاندماج الاجتماعي والاقتصادي، في مقدمتهم مهاجرون من المغرب وأمريكا اللاتينية.
إصلاح جذري لقانون الأجانب
جاء هذا الإصلاح بعد أشهر من النقاشات داخل البرلمان الإسباني، واستشارات موسعة مع جمعيات مدنية ومنظمات حقوقية. ويُعد أبرز ما جاء في القانون:
تقليص مدة الإقامة المطلوبة للاستفادة من “الارتباط الجذري” (Arraigo Social) من ثلاث سنوات إلى سنتين فقط، مما يفتح الباب أمام آلاف المهاجرين لتقديم طلبات الإقامة القانونية.
إطلاق “الفرصة الثانية”، وهي مهلة استثنائية لإعادة إصدار تصاريح الإقامة التي فقدها أصحابها لأسباب إدارية أو مادية خارجة عن إرادتهم.
تخفيف شروط عقود العمل المرتبطة بتصاريح الإقامة، خاصة في القطاعات التي تعاني من نقص اليد العاملة، مثل الفلاحة، الرعاية الصحية، والخدمات المنزلية.
قانون الهجرة في إسبانيا2025: لم الشمل العائلي… قفزة في المفهوم والتطبيق
شهد قانون لم الشمل العائلي تطورًا نوعيًا، إذ أصبح يشمل:
الشركاء غير المتزوجين رسميًا،
الأبناء حتى سن 26 سنة بدل 18 فقط،
الآباء والأمهات فوق سن 65 عامًا بدون شرط دخل صارم.
كما أتاح القانون تصريح إقامة خاص لأقارب المواطنين الإسبان، دون إلزامهم بالعودة إلى بلدانهم الأصلية لاستكمال الإجراءات، وهو ما وصفه مختصون في القانون بـ”التحول الإنساني المهم في سياسة الهجرة”.
الطلبة الأجانب ضمن أولويات الدمج
في سياق تشجيع التعليم وجذب الكفاءات، سمح القانون الجديد للطلبة الأجانب في إسبانيا بـ:
العمل حتى 30 ساعة أسبوعيًا،
الاستفادة من نظام التعليم عن بُعد جزئيًا دون التأثير على تصاريح الإقامة الدراسية.
لكن في المقابل، واجه القانون انتقادات واسعة بسبب استثناء القاصرين غير المصحوبين من هذه التسهيلات، وهو ما وصفته منظمات حقوق الإنسان بأنه “تمييز قانوني في حق فئة هشة”.
الجالية المغربية من أكبر المستفيدين من قانون الهجرة في إسبانيا
تُعد الجالية المغربية أكبر جالية مهاجرة غير نظامية في إسبانيا، وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 150 ألف مغربي قد يستفيدون من قانون “الارتباط الجذري” الجديد، إضافة إلى الآلاف من الحالات التي ستستفيد من لم الشمل أو الفرصة الثانية.
تحديات في الأفق رغم التسهيلات
رغم الطابع الإنساني للتعديلات الجديدة على قانون الهجرة في إسبانيا، تواجه الحكومة تحديات كبيرة على مستوى التطبيق، أبرزها:
الضغط الإداري المتوقع على مكاتب الهجرة،
الانتقادات السياسية من أحزاب اليمين المتطرف،
الاستثناءات القانونية التي طالت طالبي اللجوء،
والمبادرة الشعبية المتواصلة التي تطالب بتسوية جماعية لأوضاع أكثر من 400 ألف مهاجر غير نظامي.
بين الأمل والانتظار
مع فتح مكاتب الهجرة أبوابها صباح اليوم، تعيش عشرات الآلاف من الأسر المهاجرة في إسبانيا لحظات ترقب مشوبة بالأمل.
فهل سينجح هذا القانون في تحويل إسبانيا إلى نموذج أوروبي في تسوية أوضاع المهاجرين؟
وهل تتوفر الحكومة فعليًا على الإرادة والموارد اللازمة لترجمة هذه الإصلاحات إلى واقع ملموس، بدل أن تبقى مجرد شعارات؟