انسحاب النيجر من مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء مع الجزائر وتبون يُهدد

تلقى مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي كان يُعوَّل عليه لربط نيجيريا بالجزائر ومن ثم بأوروبا، ضربة قاسية بعد إعلان النيجر انسحابها المفاجئ من الاتفاق. هذا التطور جاء في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية بين نيامي والجزائر، حيث علق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على القرار قائلاً إن النيجر “خرجت عن الاتفاقيات المبرمة وعليها تحمّل تبعات قرارها”.
مشروع استراتيجي تحت التهديد
أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي كان من المقرر أن يمتد لمسافة تزيد عن 4000 كيلومتر، صُمم لنقل حوالي 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي من دلتا النيجر إلى الجزائر، ومنها إلى أوروبا. منذ توقيع الاتفاقيات الأولية عام 2009، ظلت الآمال معلقة على المشروع ليكون أحد البدائل الرئيسية للغاز الروسي، مع توفير عائدات اقتصادية ضخمة وتعزيز التكامل الاقتصادي في غرب إفريقيا.
ومع ذلك، فقد عانى المشروع لعقود من تأخيرات متكررة بسبب معوقات مالية، تحديات أمنية، وتقلبات سياسية، ليأتي انسحاب النيجر الآن ويزيد من تعقيد المشهد، مثيراً تساؤلات جدية حول مستقبل هذا المشروع الحيوي.
لماذا انسحبت النيجر؟
قرار النيجر بالانسحاب يعكس تحولات سياسية وإقليمية عميقة، خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في 2023، والذي أدى إلى إعادة صياغة تحالفاتها الاستراتيجية.
مراقبون يرون أن الخطوة تعبر عن فقدان الثقة في قدرة المشروع على التنفيذ، بالنظر إلى التأخيرات الطويلة والمخاطر الأمنية على طول المسار المقترح. كما أن التوترات السياسية مع الجزائر ساهمت بقوة في تسريع الانسحاب، حيث اتهم الرئيس تبون النيجر بعدم احترام التزاماتها. من جانب آخر، هناك مؤشرات على أن النيجر قد تعيد توجيه خياراتها الاقتصادية نحو مشاريع بديلة أو شراكات جديدة تتماشى مع مصالحها الحالية.
التداعيات المرتقبة
تأثير مباشر على الجزائر
انسحاب النيجر يمثل نكسة كبيرة للجزائر، التي كانت تطمح لتكريس مكانتها كمركز محوري لتصدير الغاز نحو أوروبا. قد تضطر الجزائر إلى مراجعة استراتيجياتها الطاقية، سواء من خلال تعزيز خطوط بديلة مثل “ميدغاز” أو عبر البحث عن شراكات جديدة لتعويض الخسارة. تصعيد دبلوماسي محتمل مع النيجر قد يزيد أيضاً من تعقيد الأوضاع الإقليمية.
نيجيريا، صاحبة أكبر احتياطي غاز طبيعي في إفريقيا، تجد نفسها أمام تحديات جديدة، لكن مشروع أنبوب الغاز مع المغرب، الممتد عبر الساحل الغربي للقارة بطول 5600 كيلومتر، قد يقدم لها بديلاً استراتيجياً رغم تكلفته الضخمة المقدرة بـ25 مليار دولار.
أوروبا تبحث عن بدائل
انسحاب النيجر يعمق قلق أوروبا من تأخر الحصول على مصادر طاقة بديلة للغاز الروسي. ومع استمرار الاضطرابات الإقليمية، قد تتجه الدول الأوروبية إلى تنويع مصادرها عبر استيراد الغاز المسال من دول مثل قطر والولايات المتحدة، أو تسريع الاستثمار في الطاقات المتجددة.
تهديد للتكامل الإقليمي
كان المشروع يمثل رمزاً للتعاون الاقتصادي بين دول غرب وشمال إفريقيا، لكن انسحاب النيجر يهدد هذا الطموح، ويعيد التأكيد على هشاشة المشاريع الإقليمية في ظل التوترات السياسية والأمنية المتكررة.
مستقبل مجهول للمشروع
أصبح أنبوب الغاز العابر للصحراء في مهب الريح، مع تضاؤل فرص إنقاذه ما لم يتم التوصل إلى تسويات دبلوماسية عاجلة. الجزائر قد تحاول إعادة التفاوض مع النيجر لإحياء المشروع، بينما قد تجد نيجيريا فرصتها في تسريع مشروعها الطموح مع المغرب.