بعد وفاة البابا فرنسيس: سباق الخلافة يبدأ داخل الفاتيكان

بعد وفاة البابا فرنسيس، تُفتح صفحة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وسط ترقب واسع داخل الفاتيكان وخارجه بشأن من سيتولى منصب الحبر الأعظم. الحدث لا يهم فقط مليارًا وثلث المليار من الكاثوليك حول العالم، بل يمتد تأثيره إلى ملفات سياسية وأخلاقية وإنسانية تمس العالم بأسره.
الكونكلاف: آلية انتخاب البابا الجديد
يُنتخب البابا من خلال “الكونكلاف”، وهو اجتماع مغلق يُعقد في كنيسة السيستينا داخل الفاتيكان، ويشارك فيه الكرادلة الذين لم يتجاوزوا سن الثمانين. يشترط أن يحصل المرشح على ثلثي الأصوات لانتخابه بابا، في عملية يغلب عليها الطابع الروحي والسرية، لكنها تتأثر أيضًا بالتحالفات والاتجاهات داخل الكنيسة.
أبرز المرشحين: توازن بين التقاليد والانفتاح
1. الكاردينال بيترو بارولين – إيطاليا
يشغل منصب أمين سر دولة الفاتيكان، ويُعد من أقرب المقربين للبابا فرنسيس. يُنظر إليه كمرشح توافقي يجمع بين الخبرة الدبلوماسية والحس الإصلاحي المعتدل، مما يجعله خيارًا مرجحًا في حال رغبت الكنيسة في الاستمرارية.
2. الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي – الفلبين
صوت آسيوي قوي، معروف بدعمه للفقراء والمهاجرين. انتخابه سيكون مؤشراً على تحوّل الكنيسة نحو العالم النامي، وكسر الاحتكار الأوروبي التاريخي للمنصب.
3. الكاردينال بيتر تربكسون – غانا
من أبرز الأسماء الإفريقية، يجمع بين الالتزام البيئي والدفاع عن العدالة الاجتماعية. يمثل فرصة تاريخية لاختيار أول بابا من جنوب الصحراء الكبرى، في وقت يشهد فيه الوجود الكاثوليكي في إفريقيا نموًا ملحوظًا.
4. الكاردينال روبرت سارة – غينيا
يُعد أحد أبرز الوجوه المحافظة داخل الكنيسة. رغم تراجع حضوره مؤخرًا، لا يزال يحظى بدعم شريحة مؤثرة ترفض التوجهات الليبرالية في بعض القضايا الأخلاقية والاجتماعية.
5. الكاردينال كريستوف شونبورن – النمسا
لاهوتي عميق الفكر، يحظى باحترام واسع في أوروبا. يُنظر إليه كمرشح وسط قادر على تجاوز الاستقطاب داخل الكنيسة بين التيارات التقدمية والمحافظة.
أيًا يكن البابا القادم، فالمهام التي تنتظره جسيمة. من استعادة الثقة في الكنيسة بعد الفضائح الجنسية، ومواصلة الإصلاح المالي والإداري، إلى الحفاظ على وحدة الكنيسة وسط الانقسامات العقائدية، والتفاعل مع أزمات عالمية كالهجرة، الفقر، والتغير المناخي.
بين نهج فرنسيس والمستقبل
ترك البابا فرنسيس بصمة واضحة في تاريخ الكنيسة، خصوصًا في مجال الانفتاح والحوار بين الأديان والدفاع عن الفقراء والمهمشين. ويبقى السؤال المطروح: هل يواصل البابا الجديد هذا النهج، أم يشكّل بداية لمرحلة مختلفة تعيد التوازن بين التقليد والتجديد؟