اخبار مهمةحوارات الصحافةفي الواجهة

المغرب يبني أكبر حوض لصناعة السفن في إفريقيا

في خطوة تعبّر عن تحول نوعي في رؤية المغرب لموقعه البحري، أطلقت الحكومة المغربية مناقصة دولية لتشغيل أكبر حوض لبناء السفن في إفريقيا، يقع بمدينة الدار البيضاء على سواحل المحيط الأطلسي. وتندرج هذه المبادرة ضمن إستراتيجية وطنية متكاملة لتوطين صناعة السفن وتقليص التبعية للخارج في مجال الصيانة والنقل البحري.

شراكات دولية لتعزيز القدرات المغربية
زيارة وزير الصناعة المغربي رياض مزور إلى كوريا الجنوبية ولقاؤه بكبار مسؤولي شركة هيونداي للصناعات الثقيلة كشفت عن انفتاح المغرب على تجارب آسيوية متقدمة في هذا القطاع. التحركات تعكس توجهًا استراتيجيًا نحو نقل التكنولوجيا وبناء صناعة  السفن محليا، قادرة على خدمة السوقين الإقليمي والدولي.

بحسب الخبير الإستراتيجي هشام معتضد، فإن المغرب لا يطمح فقط إلى صناعة السفن، بل إلى بناء ما يُعرف بـ”الاستقلال اللوجستي”، عبر منظومة تشمل التصنيع، الصيانة، التكوين المهني، والتمويل البحري.

وفي ظل أن 97% من التجارة الخارجية المغربية تمر عبر البحر، فإن تعزيز الأسطول الوطني بات ضرورة، خاصة أن المغرب لا يمتلك حاليًا سوى 16 سفينة تجارية تديرها تسع شركات فقط.

أرقام تكشف التحديات
رغم الموارد البحرية الضخمة التي يتوفر عليها المغرب (3500 كلم من السواحل، و14 ميناء خارجي)، إلا أن القطاع البحري يواجه فجوة كبيرة بين الطموحات والإمكانيات. فقد أنفقت المملكة أكثر من 14 مليار درهم على استيراد السفن خلال العقدين الماضيين، بينما لم تتجاوز مداخيل بناء وإصلاح السفن 500 مليون درهم سنويًا.

كما تراجع عدد الشركات العاملة في القطاع من 40 شركة سنة 2000 إلى 10 شركات فقط في 2023، مع معدل توظيف لا يتجاوز 700 فرصة سنويًا.

تاريخ بحري عريق يُبعث من جديد
يرى الباحث بدر الدين الرواص، في تصريح صحفي لموقع “الجزيرة” أن المغرب يعيد اليوم إحياء تقاليد بحرية ضاربة في التاريخ، تعود لعصور المرابطين والعلويين، حين كان بناء السفن جزءًا من استراتيجية الدولة. ويضيف أن المغرب اليوم يُدرك جيدًا أهمية امتلاك عرض مينائي وصناعي متكامل يؤهله ليكون فاعلًا في الاقتصاد البحري العالمي.

تحقيق هذا المشروع لا يتوقف عند بناء السفن، بل يتجاوز ذلك إلى تحقيق اقتصاد بحري مستدام يشمل:

الطاقات البحرية المتجددة

الصناعات الدفاعية المرتبطة بالبحر

التكوين المهني البحري

التقنيات النظيفة والمبتكرة

ويُعد ميناء طنجة المتوسط ركيزة أساسية في هذا التحول، حيث يعمل المغرب على تحويله من منصة لوجستية إلى قاعدة إنتاج صناعي بحري موجهة للأسواق الإفريقية والدولية.

التحديات: التكوين والتمويل والإطار القانوني
بحسب الأكاديمي محمد الطيار، فإن النهوض بالصناعة البحرية يتطلب أكثر من مجرد بنية تحتية. فهناك حاجة إلى:

ترسانة قانونية متطورة تحترم المعايير الدولية

تكوين رأسمال بشري عالي التأهيل في التصميم والهندسة البحرية

بناء منظومة تمويل محفزة للاستثمار في قطاع عالي التكاليف

من صناعة السفن إلى سيادة بحرية
المغرب لا يبني مجرد أحواض لصناعة السفن، بل يخطو نحو إعادة تعريف موقعه البحري والإستراتيجي. فالمراهنة على صناعة بحرية متقدمة تمثل ركيزة لتحقيق السيادة الاقتصادية والأمن البحري، وضمان موقع قيادي في الاقتصاد الأزرق العالمي.

اظهر المزيد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

Back to top button