المغرب ينتج “الغاز الطبيعي المسال” بعد طول انتظار

في خطوة استراتيجية هامة، يقترب المغرب من دخول نادي الدول المنتجة للغاز الطبيعي المسال، مع اقتراب تشغيل أول منشأة لتسييل الغاز الطبيعي في تاريخ المملكة. هذا التحول سيسهم في تقليل فاتورة الواردات التي تصل إلى نحو مليار متر مكعب سنويًا من الغاز، مما يعزز استقلالية البلاد في مجال الطاقة.
تشغيل أول محطة لتسييل الغاز الطبيعي المسال في المغرب
من المتوقع أن ينضم المغرب إلى سوق إنتاج الغاز الطبيعي المسال في الربع الأخير من عام 2025، مع قرب اكتمال بناء محطة تسييل الغاز في حقل تندرارا شرق المملكة. الحقل الذي تقدر احتياطاته بنحو 10.67 مليار متر مكعب سيكون نقطة انطلاق للمغرب نحو تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي المحلي.
الغاز الطبيعي
حقل تندرارة
الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” البريطانية، غراهام ليون، أشار إلى أن الشركة تمتلك حصة 20% في امتياز الحقل منذ عام 2018.
القدرة الإنتاجية المتوقعة
من المتوقع أن تبدأ التجارب الإنتاجية في محطة تسييل الغاز الصيف المقبل، على أن يتم البدء في الإنتاج التجاري مع نهاية الخريف بطاقة تصل إلى 10 ملايين قدم مكعب يوميًا. وفي المستقبل، يعتزم المغرب رفع القدرة الإنتاجية إلى 40 مليون قدم مكعب يوميًا، مما سيساهم في تقليص احتياجات المملكة من واردات الغاز.
التوسع في الاكتشافات المستقبلية
تخطط شركة “ساوند إنرجي” للقيام بحفر آبار استكشافية جديدة في مناطق أخرى وسط البلاد، باستخدام تقنيات الزلازل لاستكشاف مزيد من احتياطيات الغاز. هذا من شأنه أن يعزز من إنتاج الغاز المحلي ويخفف من الاعتماد على استيراد الغاز من الخارج.
على الرغم من هذه التطورات، يقتصر إنتاج الغاز الطبيعي في المغرب حاليًا على حقلين رئيسيين هما “مسقالة” و”الغرب”، بإنتاج يبلغ 100 مليون متر مكعب سنويًا، بينما يتم استيراد باقي احتياجات البلاد التي تقدر بنحو مليار متر مكعب سنويًا من السوق الدولية. لكن مع بدء الإنتاج من حقل تندرارا، يُتوقع أن يرتفع الإنتاج المحلي بشكل ملحوظ.
توقعات استهلاك الغاز في المغرب
تتوقع وزارة الكهرباء والماء المغربية أن يرتفع استهلاك الغاز في المملكة من 1.1 مليار متر مكعب في 2025 إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول نهاية العقد الجاري، وصولاً إلى 3 مليارات متر مكعب بحلول 2040، مما يضع تحديات جديدة أمام قطاع الطاقة في البلاد.
فاتورة الطاقة في المغرب
في عام 2023، بلغت فاتورة استيراد منتجات الطاقة في المغرب نحو 121.9 مليار درهم (12.5 مليار دولار). هذه الأرقام تُبرز أهمية تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة وتخفيف العبء الاقتصادي الناتج عن استيراد الغاز والمنتجات النفطية.
رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، رشيد الساري، شدد على أن الرهان الأكبر لمستقبل الغاز في المغرب يكمن في اكتشافات جديدة في حقول أخرى.
ووفقًا لتحليل النتائج المتوقعة من حقل تندرارا، يجب التعامل مع الأرقام بتوخي الحذر، حيث لن تكون حصة المغرب من الإنتاج كبيرة، ومن المتوقع أن تبلغ حوالي 25-30% فقط.
الخطوة القادمة للمغرب في مجال الغاز الطبيعي المسال تُعد خطوة استراتيجية هامة نحو تحقيق استقلال طاقي جزئي وتقليل الاعتماد على الواردات.
ومع التوسع المتوقع في الاكتشافات والقدرة الإنتاجية، يمكن للمغرب أن يُحقق تقدمًا كبيرًا في تأمين احتياجاته من الغاز في السنوات المقبلة، مما يسهم في تعزيز اقتصاده وتقليل فاتورة الطاقة.