المساعدات الأمريكية للمغرب تحت المراجعة

وفقًا لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يواجه مستقبل المساعدات الأمريكية تحديًا غير مسبوق، نتيجة للقرارات الأخيرة للإدارة الأمريكية، مما يثير القلق بشأن التأثيرات المحتملة على الدول المستفيدة، بما في ذلك المغرب.
وعلى الرغم من أن المغرب ليس من أكبر المتلقين للمساعدات الأمريكية في المنطقة، فإن التعديلات على هذه البرامج قد تؤثر على العديد من المشاريع الحيوية التي تساهم في تنميته واستقراره.
تجميد المساعدات الأمريكية وتداعياته
بحسب البيانات المالية للسنة المالية 2022/23، حصل المغرب على 175 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية الأمريكية، والتي كانت موجهة بشكل أساسي لدعم برامج التنمية، الحوكمة، والتعليم، فضلاً عن البيئة. لكن هذه التمويلات باتت الآن موضع مراجعة، ما يهدد مصير العديد من المشاريع التي تعتمد على هذه المساعدات.
في بداية ولايته الثانية، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصلاحًا جذريًا بشأن المساعدات الأمريكية الخارجية، حيث قرر تجميدها لمدة تسعين يومًا لتقييم مدى توافقها مع السياسات الجديدة للإدارة.
وصرح وزير الخارجية ماركو روبيو أن أي برنامج لا يساهم بشكل مباشر في جعل أمريكا “أكثر أمنًا وقوة وازدهارًا” سيكون مهددًا بالإلغاء، مما أثار تساؤلات حول مستقبل برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التأثير على العلاقات الاستراتيجية
إلى جانب التأثيرات الاقتصادية، من المتوقع أن يكون لأي تخفيضات في التمويل تداعيات سلبية على العلاقات الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن. ففي ظل التصاعد الجيوسياسي والمنافسة من الصين وروسيا في شمال أفريقيا، قد تؤثر هذه التغييرات على التعاون بين البلدين في المجالات الأمنية والاقتصادية. في هذا السياق، يعتبر المعهد أن تقليص الدعم قد يضعف قدرة المغرب على الحفاظ على استقرار اقتصاده وتطوير بنيته التحتية.
مراجعة المساعدات الأمريكية في المنطقة
وأشار بن فيشمان، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة “جورجتاون”، إلى أن المراجعة الجديدة قد تؤدي إلى تقليص أو إلغاء العديد من برامج المساعدات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعد دول مثل الأردن ومصر من أبرز المتلقين لهذه المساعدات، حيث تعتمد عمان بشكل كبير على الدعم الأمريكي لتغطية نفقات ميزانيتها. كما أن الدعم الأمريكي لفلسطين قد يشهد تدقيقًا شديدًا نتيجة لتطورات الصراع في غزة.
في السنة المالية 2022/23، أنفقت الحكومة الأمريكية حوالي 11 مليار دولار على المساعدات العسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط. تم تخصيص الجزء الأكبر من هذه المساعدات (5.5 مليار دولار) لإسرائيل ومصر، بينما تم توزيع الباقي على القوات المسلحة في العراق والأردن ولبنان. هذا التمويل كان حاسمًا للحفاظ على قدرات الدول الحليفة في محاربة الجماعات الإرهابية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد خصصت الحكومة الأمريكية حوالي 5.6 مليار دولار لدعم برامج الصحة والرعاية الاجتماعية في المنطقة. وكان الأردن هو أكبر متلقٍ للمساعدات الاقتصادية بحصوله على 1.3 مليار دولار، تلاه كل من سوريا (900 مليون دولار)، واليمن (833 مليون دولار)، ولبنان (454 مليون دولار)، والعراق (342 مليون دولار)، بينما حصل المغرب على 175 مليون دولار، وهو أقل من العديد من الدول الأخرى في المنطقة.
إن التحديات التي يواجهها مستقبل المساعدات الأمريكية تمثل تهديدًا اقتصاديًا وأمنيًا، ليس فقط للولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، بل أيضًا للدول مثل المغرب التي تعتمد على هذه المساعدات لتعزيز استقرارها وتنميتها. في ظل التغييرات الحالية في السياسات الأمريكية، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه المساعدات ستظل قائمة، ما يترك العديد من المشاريع التنموية والمجتمعية في وضع غامض.