تحصيل الضرائب من المواطنين…المغرب في المرتبة الثانية إفريقيًا
كشف تقرير حديث صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن المغرب يحتل المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية من حيث الضغط الضريبي، حيث بلغت الإيرادات الضريبية 30% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. وبذلك، يتفوق المغرب على العديد من الدول الإفريقية، حيث تليه تونس في المرتبة الأولى بنسبة 33.5%، فيما تأتي جزر سيشل وجنوب إفريقيا في المركزين الثالث والرابع بنسبة 27.2% و27.1% على التوالي.
وأشار التقرير إلى أن مداخيل الضرائب في المغرب شهدت زيادة ملحوظة على مدار العقد الماضي، إذ ارتفعت من 26% في عام 2013 إلى 29.9% في عام 2022. هذا الارتفاع يعكس اتجاهاً نحو الاعتماد بشكل أكبر على الضرائب كمصدر رئيسي لتمويل الميزانية العامة للدولة. ومع ذلك، فإن هذا الاتجاه يثير تساؤلات حول تأثير السياسات الضريبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية محلية.
إصلاحات ضريبية في مشروع قانون المالية لعام 2025
في إطار سعي الحكومة المغربية لتحسين الوضع الاقتصادي، تركزت المناقشات حول مشروع قانون المالية لعام 2025 في مجلس النواب على الإصلاحات الضريبية التي قد تكون خطوة نحو تخفيف العبء الضريبي على المواطنين. ترأس وزير الميزانية، فوزي لقجع، هذه المناقشات التي تطرقت إلى تعديلات ضريبية هامة، أبرزها رفع الشريحة المعفاة من الضريبة على الدخل من 30 ألف درهم إلى 40 ألف درهم. هذا يعني إعفاء الأجور التي تقل عن 6 آلاف درهم شهريًا من الضريبة.
تعديلات ضريبية تهدف إلى تخفيف العبء على المواطنين
تشمل التعديلات الأخرى تقليص معدل الضريبة الهامشية من 38% إلى 37% بالنسبة للأفراد ذوي الدخل السنوي المرتفع. كما تم رفع الخصم السنوي عن الأعباء العائلية من 360 درهم إلى 500 درهم عن كل شخص معال، وزيادة سقف التخفيض السنوي من 2160 درهم إلى 3000 درهم، بهدف تحسين وضع الأسر المغربية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
يطرح مشروع قانون المالية أيضًا زيادة في نسبة العائدات الموجهة إلى الميزانية العامة من الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، حيث يُتوقع رفع النسبة من 30% إلى 32%. هذا التعديل من شأنه تعزيز قدرة الجماعات الترابية على تحسين الخدمات المحلية، مع توقعات بزيادة مالية تقدر بحوالي 3 مليارات درهم سنويًا وفقًا لتصريحات الوزير فوزي لقجع.
إصلاحات إدارية لتعزيز الكفاءة الضريبية
إلى جانب التعديلات الضريبية، يتضمن مشروع القانون إصلاحات إدارية تهدف إلى تعزيز كفاءة النظام الضريبي. من أبرز هذه الإصلاحات إلزام الموثقين بتقديم نسخ إلكترونية من العقود المبرمة إلى إدارة الضرائب. هذا التحول سيغلق الثغرات التي كانت تمنع تسجيل حوالي 10% من العقود العقارية، ما يسهم في تعزيز الشفافية في المعاملات العقارية.
إن الإصلاحات الضريبية والإدارية التي يشهدها المغرب تمثل خطوة هامة نحو تعزيز الإيرادات العامة ودعم السياسات التنموية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأبرز هو كيفية تحقيق توازن بين زيادة العائدات الضريبية وتحفيز النمو الاقتصادي، خصوصًا في ظل الضغوط التضخمية وتأثيرات الضغوط الضريبية على الفئات المختلفة من المواطنين والقطاعات الاقتصادية.
المستقبل سيكشف ما إذا كانت هذه الإصلاحات ستنجح في تعزيز استدامة الاقتصاد المغربي وتحقيق التوازن بين تطوير البنية التحتية وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي.