بيع وشراء الأحكام القضائية يضع قاض ومحاميين رهن الاعتقال
كشف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، معطيات صادمة وتفاصيل حول وضع قاض ومحاميين رهن الاعتقال الاحتياطي، بتهم مرتبطة بالإرتشاء وعدم التبليغ، وذلك على خلفية تورطهم في قضية تتعلق ببيع وشراء الأحكام القضائية.
وقال الغلوسي أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قدمت يوم الخميس الماضي، 14 نونبر 2024، شبكة من النوع الخاص والتي يمكن نعتها بشبكة النخبة، أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالرباط، مشيرا إلى أن هذا الأخير قرر المطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة مجموعة من المشتبه فيهم من أجل الإرتشاء وعدم التبليغ وغيرها.
وأضاف أنه وبعد استنطاق المتهمين من طرف قاضية التحقيق لدى ذات المحكمة قررت وضع قاض ومحاميين رهن الاعتقال الاحتياطي، بينما قررت الإبقاء على محامين آخرين وموثف ومقاول في حالة سراح مع اتخاذ تدابير قضائية في حقهم.
يتعلق الأمر، حسب المصدر ذاته، بشبكة يشتبه في تورط أعضائها في بيع وشراء الأحكام بعدما تقدمت زوجة قاض بتطوان بشكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بتطوان تتهم من خلالها زوجها السابق الذي يشغل مهمة قاض بمحكمة الإستئناف بتطوان بالتلاعب في الأحكام القضائية.
وأوضح الغلوسي أن حادثة السير التي ارتكبها “ولد الفشوش” بواسطة سيارة لومبرغيني وحصل رغم ذلك على السراح المؤقت، هي التي فجرت القضية، لافتا أنه ملف من بين ملفات أخرى قدمت من طرف الفرقة الوطنية أمام القضاء، و “تفيد أن الفساد يهدد سيادة القانون والعدالة، هو أمر خطير حينما يحول البعض ممن يفترض فيه أن يكون ملجأ الناس لرفع المظالم وتحصين الحقوق ،حينما يحول هذا البعض مرفقا يشكل ملاذا للمظلومين والباحثين عن العدل والإنصاف إلى مجال مربح يدر أموالا طائلة”.
وتابع الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش، أنه “لا غرابة ان نجد بعض القضاة ،وهم قلة، يملكون ضيعات وأموال وعقارات ومجوهرات، وقلة من المحامين تحولوا إلى منعشين عقاريين وكونوا ثروات خيالية يصعب على المرء تصديق أرقامها الفلكية”.
واعتبر الغلوسي أن “أكبر خطر يواجه بلدنا هو طاعون الفساد الذي شاع وتغول، والأخطر هو أن يصل الفساد إلى العدالة ويشعر الناس بأن ملاذهم الآمن لم يعد كذلك، “هو الخوف يتربص بالناس ويفاقم الشعور بالظلم والتمييز والحكرة واللاعدالة بسبب قلة من المرتشين والفاسدين الذين يتاجرون في كل شيء ويهددون الإستقرار والأمن القانوني والقضائي، يخضعون بيع وشراء الملفات لقانون العرض والطلب تحت شعار “الأولوية لمن يدفع أكثر “”.
وقال أنهم “يقامرون بمستقبلنا جميعا ولايهمهم أي شيء ،هم جشعون و مصاصي الدماء يتاجرون في أحلام وحقوق الناس وآهاتهم وآمالهم وآلامهم دون شعور بالذنب”.
وعلى إثر ذلك دعا الغلوسي الأجهزة الأمنية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة وهيئات المحامين أن لا يسمحوا بتحويل المساطر القانونية والملفات القضائية إلى تجارة تدر أرباحا دون أي تعب، “على كل هذه المؤسسات أن تشن حربا لاهوادة فيها على سماسرة الأحكام القضائية الذين يبيعون ويشترون الحقوق باستعمال أساليب العصابات والمافيات الإجرامية، داعيا في الوقت ذاته إلى “فتح الأبحاث ضد هؤلاء الذين يشبهون تجار البشر ومتابعتهم قضائيا واتخاذ إجراءات صارمة ضدهم وحجز ممتلكاتهم وأموالهم ومصادرتها لفائدة الدولة”.