صحيفة “نيويورك تايمز” : فرنسا خدعت الجزائر و أرسلت جماجم موزرة للشهداء الجزائريين.
دار الخبر مراكش ؛
خديعة كبرى تلك التي تعرض لها الجزائريون من طرف فرنسا، وبتواطؤ مع نظامهم الحاكم، ونشرت تفاصيلها صحيفة “نيويورك تايمز الأمريكية”.
و يتعلق الأمر بالجماجم التي تسلمتها الجزائر من فرنسا بتاريخ 4 يونيو من سنة 2020 على أنها لمقاومين جزائرين حاربوا الاستعمار الفرنسي، قبل أن يتوفوا جراء التعذيب أو الاعتقال، واحتفظت فرنسا برفاتهم وجماجمهم لمدة قرن ونصف القرن في متحف التاريخ الطبيعي بباريس.
الصحيفة الأمريكية، كشفت عن خبر مُفزع للمواطنين الجزائريين ممن صدقوا قصّة عودة جماجمم أهاليهم وأقاربهم والمقاومين ممن وهبوا حياتهم لمحاربة الاستعمار الفرنسي، قبل أن تكشف “نيويورك تايمز” أن 6 جماجم من أصل 24 جمجمة أعادتها فرنسا إلى الجزائر كانت لمقاومين جزائرين، أما باقي الجماجم فهي مجهولة الهوية.
و أشارت الصحيفة الأمريكية الذائعة الصيت على أن تسليم هذه الجماجم كان من خلال اتفاقية وقعت بين الحكومة الفرنسية ونظيرتها الجزائرية، وقال تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي بأنها “نُفّذت بغموض كبير، مما يعطي الانطباع بأن الأمور الدبلوماسية تفوق كل شيء آخر”.
وفي حفل خصص له النظام الجزائري كل المظاهر العسكرية المهيبة، وصلت بتاريخ 4 يونيو سنة 2020 طائرة من طراز هرقل سي-130 (عسكرية) إلى مطار الجزائر الدولي، حيث رافقتها مقاتلات من القوات الجوية التي نفذت عرضا عسكريا في سماء العاصمة الجزائر، كما أطلقت سفن حربية في ميناء المدينة مدافعها بالتزامن مع وصول الطائرة، وفق ما أظهره بث مباشر للتلفزيون الرسمي، لِيُعطي النظام الجزائري صورة على “نجاحه الديبلوماسي الباهر” في إعادة رفاة مجاهديه.
غير أن الصحيفة الأمريكية أعادت بتقرير مطول ترتيب بعض الوقائع وإيضاح الصورة القريبة من الحقيقة.
المعطيات التي نشرتها “نيويورك تايمز” أشارت إلى أن حفل استقبال نعوش “الشهداء” الذين كانوا ملفوفين بالعلم الوطني الجزائري بحضور حشد من حرس الشرف، قبل حملهم من طرف جنود واضعين كمامات على سجادة حمراء وعلى وقع صوت 21 طلقة مدفعية، حيث انحنى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام النعوش كل على حدة، كانت كل هذه التفاصيل وفق “اتفاق ديبلوماسي” بين النظام الجزائري والحكومة الفرنسية، وهو ما نقلته الصحيفة عن إحدى البرلمانيات الفرنسيات، تدعى كاثرين مورين ديسايلي، والتي أكدت أن صفقة إعادة الجماجم إلى الجزائر تحكمت فيها: “المسائل الدبلوماسية التي لها الأسبقية على المسائل التاريخية”. حيت تم كل شيء في الخفاء.
هذا، ورفضت الحكومة الجزائرية الرد على تساؤلات الصحيفة الأمريكية “نيويورك تايمز” حول إن كانت تعلم بوجود جماجم ليست لمجاهدين جزائرين، وعلى أنها كانت ترغب في صفقة سياسية على حساب تاريخ مجاهديها، غير أن النظام الجزائري رفض التعليق على الموضوع، حيث أكدت “نيويورك تايمز” أنه “لا يزال من غير الواضح سبب قبول الجزائر لبعض الجماجم غير تلك الخاصة بمقاتلي المقاومة”.
في الوقت ذاته، امتنع مكتب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون عن التعليق وأحال الأسئلة إلى وزارة الخارجية التي قالت إن قائمة الجماجم التي أعيدت “تمت الموافقة عليها من البلدين”!
ويبدو أن النظام الجزائري كان يحتاج إلى “نصر” يقدمه للجزائريين يخص ذاكرتهم التاريخية.
وكما قال الرئيس الفرنسي نفسه في تصريحات علنية، فإن النظام الجزائري يعيش على ريع الذاكرة، وهو ما اتضح من خلال تقرير “نيويورك تايمز” حيث لم يكن صعبا على النظام العسكري في الجزائري أن يكذب على شعبه ويزور قطعا من التاريخ، ويَقبل بجماجم لا تعود للمجاهدين الجزائرين، فقط من أجل أن يصنع نصرا هو عبارة عن خديعة تاريخية كبرى!