تحركات مفاجئة من إيران في المنطقة المغاربية لتوسيع نفوذها وزرع الفوضى في المغرب
في تحرك مفاجئ، بدأت إيران تكثف تحركاتها في المنطقة المغاربية، التي كانت علاقاتها معها شهدت فتورًا كبيرًا في السنوات الماضية، بل وصلت أحيانًا إلى حد القطيعة.
فما هي أسباب هذه التحركات؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى زيادة النفوذ الإيراني في هذه المنطقة الحساسة جغرافيًا بالقرب من السواحل الأوروبية؟
تحركات إيرانية مفاجئة
شهد الأسبوع الماضي سلسلة من الزيارات الرسمية والتحركات الإيرانية في المنطقة المغاربية، كانت بمثابة إشارات جديدة على عودة الدفء في العلاقات.
من بين هذه التحركات، زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، إبراهيم عزيزي، إلى تونس، حيث التقى كبار المسؤولين السياسيين والبرلمانيين.
كما زار عزيزي الجزائر، حيث التقى بوزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف ومسؤولين آخرين.
تزامن مع ذلك أيضًا قرار تونس في يونيو الماضي بإعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول، بعد زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى طهران.
في الوقت ذاته، أثيرت الشائعات حول استئناف العلاقات بين المغرب وإيران، حيث صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بأن بلاده “ترحب دائمًا بتحسين وتوسيع العلاقات مع دول المنطقة المغاربية”.
إلا أن المغرب كان قد قطع علاقاته مع طهران في عام 2018، متهمًا إياها بدعم جبهة البوليساريو.
وفي سياق هذه التحركات، استقبل وزير الخارجية الموريتاني سفير إيران في نواكشوط في نوفمبر 2023، حيث تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين
دوافع إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة المغاربية
تطرح هذه التحركات العديد من التساؤلات حول الأهداف الإيرانية في المنطقة المغاربية، خصوصًا في ظل الظروف الدولية التي تواجهها إيران.
يقول الباحث الإيطالي ريكاردو فابياني من مجموعة الأزمات في تصريح لموقع “الحرة” الأمريكي، إن إيران تسعى إلى استغلال الفرص لتوسيع علاقاتها ونفوذها بتكلفة منخفضة في مناطق بعيدة عن مصالحها الأساسية في الشرق الأوسط.
فمع الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تواجهها طهران في منطقة الشرق الأوسط، تعتبر المنطقة المغاربية فرصة لتقوية علاقاتها الخارجية دون تكلفة كبيرة.
كما يرى فابياني أن العلاقات مع دول مثل الجزائر وتونس قد تكون مفيدة لإيران في أوقات الحاجة، خاصة إذا تعرضت إيران لضغوط دولية أو هجوم من إسرائيل، مما قد يساعدها في تعزيز موقعها الدبلوماسي والتجاري.
هل تسعى إيران لزرع الفوضى في المنطقة؟
تثير الأحداث الأخيرة تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تسعى إلى نشر الفوضى في شمال إفريقيا، خاصة في ظل التوترات الأمنية في ليبيا ودول الساحل.
يجيب فابياني على هذا التساؤل قائلاً إن إيران تفتقر إلى الموارد والقدرات اللازمة لإحداث الفوضى في المنطقة، مشيرًا إلى أن شمال إفريقيا بعيد جدًا عن إيران ومواردها محدودة للغاية.
من جهة أخرى، يرى أستاذ العلوم السياسية خالد يايموت أن إيران لو كانت تمتلك القدرة على نشر الفوضى في المنطقة المغاربية لكانت قد فعلت ذلك بالفعل في السنوات التي تلت الثورات العربية، خصوصًا في دول مثل ليبيا وتونس بعد 2011.
ويضيف أن إيران أضعف بكثير في الوقت الحالي سواء من الناحية الداخلية أو الخارجية.
ردود فعل الدول المغاربية تجاه التحركات الإيرانية
فيما يتعلق برد فعل الدول المغاربية، يبدو أن هناك تحفُّظًا كبيرًا تجاه توطيد العلاقات مع إيران، خصوصًا بسبب مواقفها المثيرة للجدل في بعض الملفات، مثل تصدير الثورة والتشيع.
يقول الباحث المصري عماد جاد إن الدول المغاربية عادة ما تكون متحفظة في التعامل مع إيران بسبب سياساتها التدخلية في شؤون الدول الأخرى.
أما الجزائر، فقد تكون أكثر انفتاحًا على توسيع التعاون مع إيران، لكن القلق من التشيع والتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية يبقى حاضرًا.
في المقابل، يبدي المغرب وموريتانيا الحذر، ولا يبدوان مستعدين لإعادة بناء علاقات قوية مع طهران في المستقبل القريب.
هل ستنجح إيران في تعزيز نفوذها في شمال إفريقيا؟
تحركات إيران الأخيرة في المنطقة المغاربية تشير إلى محاولاتها لإعادة بناء علاقاتها مع دول كانت قد شهدت قطيعة أو فتورًا في الماضي.
ومع ذلك، تبقى قدرة طهران على توسيع نفوذها في المنطقة محل تساؤل، خاصة في ظل الظروف الدولية والإقليمية التي تشهدها المنطقة.
في النهاية، يبقى التساؤل الأهم: هل ستنجح إيران في إقناع الدول المغاربية بتوسيع التعاون معها، أم أن سياساتها الإقليمية والعلاقات المتوترة مع بعض هذه الدول ستظل عائقًا أمام تحركاتها في شمال إفريقيا؟