اخبار مهمةحوارات الصحافةفي الواجهة

مصادفة تاريخية: الصحراء المغربية وعودة ترامب في ذكرى المسيرة الخضراء

في السادس من نوفمبر، يحتفل الشعب المغربي بذكرى ملحمة المسيرة الخضراء، التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني عام 1975 لتحرير الصحراء المغربية وتأكيد السيادة المغربية عليها.

وفي تطور تاريخي غير معتاد، تأتي هذا الاحتفال اليوم مقرونًا بلحظة سياسية غربية ذات دلالات عميقة، حيث تشير استطلاعات الرأي وبعض التحليلات إلى احتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية.

قد يبدو الأمر مجرد صدفة زمنية، إلا أن عودة ترامب تحمل رمزية خاصة للمغاربة؛ فهو أول رئيس أمريكي يعترف رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، في ديسمبر 2020، من خلال مرسوم رئاسي وُصف حينها بأنه خطوة غير مسبوقة في تاريخ النزاع الطويل حول هذه المنطقة.

قرار ترامب هذا وضع الولايات المتحدة على مسار جديد من الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، مؤكدًا دور الرباط المحوري في قضايا الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا.

إن عودة ترامب، لو حدثت، قد تفتح الباب مجددًا لتعزيز هذا التفاهم السياسي، خصوصًا في ضوء التحديات الإقليمية والتطورات الدبلوماسية المعقدة في المنطقة.

اعتراف ترامب بمغربية الصحراء
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، أنه وقع إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

وقال ترامب في تغريدة على “تويتر”: “لقد وقعت اليوم إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية”.

وأضاف ترامب، أن “اقتراح المغرب الجاد والواقعي للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!”.

وتابع ترامب حينها قائلا: “لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777.. ومن ثم فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية”.

وأفاد البيت الأبيض بأنه يعتقد بأن إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية “ليس خيارا واقعيا لحل الصراع”.

وحث البيت الأبيض  بقيادة الجمهوريين حينها، أطراف الصراع في الصحراء على الدخول في مناقشات “دون إبطاء على أساس خطة المغرب للحكم الذاتي كإطار للتفاوض”.

ادارة بايدن و الصحراء المغربية
منذ وصول إدارة الرئيس، جو بايدن، إلى البيت الأبيض مطلع 2021، ظل ملف الصحراء المغربية، كأحد أهم القضايا الإقليمية الموروثة عن إدارة الرئيس دونالد ترامب الذي أعلن قبل أسابيع عن مغادرة منصبه، عن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء، تزامنا مع استئناف الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.

وعلى مدار السنوات الموالية، اتسم موقف إدارة بايدن بحذر دبلوماسي واضح في التعاطي مع قرار الاعتراف، إذ اتبعت مسار متوازن يجمع بين التأكيد على ثبات موقفها من دعم السيادة المغربية على الإقليم من جهة، والإشارة إلى دعم الجهود الأممية لحل النزاع عبر مبعوثها الخاص ستافان دي ميستورا من جهة ثانية، دون اتخاذ خطوات عملية لترجمة قرار الاعتراف على أرض الواقع.

ويرى متتبعون، أن موقف الديمقراطيين لن يتغيّر لو فازت المرشحة كامالا هاريس، من نهج “اللاحسم” الذي تبنته الإدارة الحالية التي كانت جزءا منها.

ومنذ توليها السلطة، تميزت مقاربة الإدارة الديمقراطية لملف الصحراء بنهج دبلوماسي حذر، يقوم على تأكيد استمرارية السياسة الأميركية دون تغيير من جهة، مع إبداء الدعم المتواصل لجهود المبعوث الأممي من جهة أخرى.

وقد انعكس هذا الموقف بشكل جلي في التصريحات المتكررة لكبار المسؤولين في الخارجية الأميركية.

وفي آخر تعليق له بشأن الموضوع، كرر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، تأكيده على أنه “لم يحدث أي تغيير في سياستنا” بشأن ملف الصحراء، عندما سُئل في 17 أكتوبر، عن موقف بلاده من مقترح المبعوث الأممي بتقسيم الإقليم بين المغرب والبوليساريو.

من جانب آخر، وقبل تقديم المبعوث الأممي لخطته المثيرة للجدل والتي تضمنت “تقسيم الإقليم”، عبّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مطلع الشهر الماضي، عن دعم واشنطن لدي ميستورا، وجهوده لدفع المفاوضات التي تؤدي إلى “حل سياسي دائم للصحراء دون مزيد من التأخير”.

كما أشار بلينكن، خلال محادثات مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، إلى أن واشنطن “لا تزال تعتبر مقترح الحكم الذاتي المغربي جادا وذا مصداقية وواقعيا، وأحد النُهج المحتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء”.

وفي تحليل لموقف الإدارة الأميركية الحالية من نزاع الصحراء المغربية، يوضح تقرير لمعهد الشرق الأوسط، أن إدارة بايدن وجدت نفسها، على إثر التحول الجذري الذي اتخذته إدارة ترامب، أمام مهمة صعبة تتمثل في السعي إلى التأكيد على أهمية القانون الدولي وعملية الأمم المتحدة التفاوضية للتوصل إلى حل دائم، تزامنا مع التشبث بالقرار السابق، الذي يمكن أن يؤدي التراجع عنه إلى إحدات أزمة في علاقاتها مع الرباط.

وعلى الجهة المقابلة، واجهت إدارة الرئيس الديمقراطي ضغوطا متزايدة من مؤيدي جبهة “البوليساريو” الساعين إلى إلغاء قرار الاعتراف بالسيادة المغربية.

أمام هذه التحديات، يوضح التقرير أن واشنطن رغم احتفاظها بقرار الاعتراف، عادت في خطابها الدبلوماسي إلى موقفها التقليدي السابق لإدارة ترامب، والمتمثل في إعلان دعم مقترح الحكم الذاتي عبر المسارات الأممية للملف.

مستقبل الصحراء المغربية في ظل عودة ترامب للبيت الأبيض
من جانبها، يبدوا أن المغرب “مطمأن” بشأن موقف الإدارتين الأمريكيتين “الديموقراطيين أو الجمهوريين”، لاستدامة الموقف الأميركي من خلال تأييدهما، مما يؤكد أنه “قرار دولة” وليس مجرد “تغريدة من ترامب”.

غير أنه يوضح أن “مصلحة المملكة تكمن في استئناف العمل مع الإدارة الجمهورية التي تمتلك التصور الأولي للاعتراف ولإنهاء النزاع المفتعل”.

أما بخصوص تباطئ الإدارة الحالية في تنفيذ التزاماتها، كتعطيل فتح القنصلية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وعدم توسيع اتفاقيات التبادل الحر لتشمل الأقاليم الجنوبية من خلال مشاريع استثمارية أميركية، فالمغرب يطلع الى تنفيذها مباشرة بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لما يمكلك الشخص من جرأة في تنفيذ قراراته، واستكمال ما بدأه.

اظهر المزيد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

Back to top button