وزير العدل يكشف السرّ خطير داخل البرلمان

خلّف تصريح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال الجلسة التشريعية ليوم الثلاثاء 2 دجنبر 2025، موجة سخط واسعة بعد اعترافه الصريح بوجود “لوبيات” داخل البرلمان تعرقل مشاريع القوانين وفق مصالح فئوية، وهو كلام غير مسبوق على لسان عضو في الحكومة، ويطرح تساؤلات عميقة حول نزاهة العملية التشريعية واستقلالية المؤسسات.
وزير العدل في اعتراف رسمي: قوانين تمرّ تحت رحمة المصالح الخاصة
أثناء تقديمه لمشروع القانون 70.24 المتعلق بالزيادة في تعويضات ضحايا حوادث السير، أقرّ وهبي بأن القانون مرّ “بصعوبة كبيرة” بسبب ضغوط تمارسها جهات نافذة داخل المؤسسة التشريعية، في إشارة واضحة إلى وجود جماعات مصالح قادرة على التأثير في مسار التشريع، وتليين أو إفراغ القوانين من مضمونها.
الوزير لم يكتفِ بالتلميح، بل قالها بصراحة: “نعرف أن البرلمان فيه لوبيات تدافع عن مصالح مالية كبيرة، سواء مصلحة شركات التأمين أو غيرها”.
تصريح بهذا الحجم، لو صدر في دولة تحترم مؤسساتها، كان سيستدعي فتح تحقيق عاجل، وربما مساءلة سياسية للحكومة، لأنه يضرب في الصميم جوهر الثقة بين المواطن ومؤسساته المنتخبة.
حكومة تعترف بالعجز.. وتستمر في التبرير
بدل أن تمارس الحكومة سلطتها السياسية في حماية المصلحة العامة، اختار وزير العدل أسلوب “التبرير”، مبرزا أن وزارته حاولت رفع تعويضات الضحايا بنسبة 150 في المائة، لكن “المصالح المالية الكبيرة” قاومت هذا التوجه.
وهنا يكمن جوهر الإشكال، فإذا كانت اللوبيات أقوى من الحكومة داخل البرلمان، فمن يحكم فعلياً؟
كيف لحكومة تدّعي الإصلاح وتَعِد بمحاربة الريع أن تقف عاجزة أمام شركات التأمين وغيرها من القوى الاقتصادية؟
وكيف يمكن أن نتحدث عن دولة الحق والقانون بينما وزير العدل نفسه يعترف بأن التشريع يتم تحت الضغط وتوجيه المصالح الضيقة؟
برلمان يصوّت.. لكن لصالح من؟
صادق مجلس النواب على القانون بـ107 أصوات مقابل 37، لكن أجواء الجلسة بيّنت حجم التوتر والخلفيات المتشابكة والتأثير الواضح للوبيات التي تحدث عنها الوزير.
والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو: هل صوت البرلمان لصالح الضحايا أم لصالح اللوبيات؟
اعتراف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، لم يكشف فقط عن “لوبيات التأمين”، بل كشف أيضاً هشاشة المنظومة التشريعية وقدرتها على الصمود أمام المصالح المالية المتشابكة. وهو تصريح يسيء إلى صورة المؤسسة التشريعية ويزيد من فقدان الثقة لدى المواطنين الذين يرون يوميا أن القوانين لا تُسنّ دائماً للمصلحة العامة، بل لمصلحة من يملك النفوذ والمال.
إن تصريح وزير العدل ليس تفصيلاً عابراً، بل ناقوس خطر يكشف اختراق اللوبيات للمؤسسة التشريعية، ويضع الحكومة أمام مسؤوليتها السياسية والأخلاقية.
المغاربة لا يحتاجون إلى وزير يعترف بوجود لوبيات.. بل إلى حكومة قادرة على مواجهتها، لا الخضوع لها.


