تشهد الزاوية البوتشيشية، إحدى أبرز الطرق الصوفية في المغرب والعالم، صراعا خفيا تحول في الأيام الأخيرة إلى مواجهة علنية بين أجنحة متنافسة داخل العائلة، ما يطرح أكثر من سؤال حول من له الأحقية في خلافة الشيخ جمال الدين الذي ووري الثرى وسط غياب لافت لأي حضور رسمي.
صراع يتجاوز الذكر…
الخلاف داخل الزاوية، وفق متابعين، لم يعد حول قيم التصوف من ذكر وفناء في الله أو التوجيه الروحي، بل أصبح يدور حول النفوذ والثروة وشبكة العلاقات التي نسجتها الزاوية داخل المغرب وخارجه. أموال وممتلكات طائلة، إضافة إلى وجاهة اجتماعية وروحية، تحولت إلى محور نزاع بين الشيخ منير، الذي يعتبره البعض الوريث الطبيعي، ومعاذ الذي ينازع بدوره على الزعامة الروحية.
رسالة من التوفيق تنسف الشرعية…
التطور الأخطر في الصراع جاء مع تسريب رسالة لوزير الأوقاف أحمد التوفيق، والتي أعيد تداولها مؤخرا لتضرب في شرعية الشيخ منير، حيث لمحت إلى ممارسات غير لائقة للوصول إلى الخلافة، من قبيل الاستعانة بـ”سحرة الجن والإنس”، فيما وصفته الرسالة بالأمور الخارجة عن الطريق، وهي اتهامات ثقيلة اعتبرها مراقبون بمثابة رصاصة قاتلة لطموحه.
المال في قلب المعركة….
الجدل لم يقف عند حدود الشرعية الروحية. أنصار معاذ يتهمون منير بعدم الأهلية، فيما يرد أنصار الأخير باتهامات مضادة، منها أن معاذ صرف أموالا ضخمة خارج البلاد، بما في ذلك 700 مليون سنتيم تم تقديمها لزوجته فقط. ليزيد صراع الأرقام والثروات من صعوبة المشهد، وألقى بظلاله على صورة الزاوية التي لطالما عُرفت بالزهد والورع.
دعوات لتأميم ثروة الزاوية….
وسط هذه المعمعة، خرجت أصوات ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب الدولة، باسم إمارة المؤمنين، بتأميم كل ممتلكات الزاوية وثرواتها المادية، وتحويلها إلى أحباس تابعة للدولة، مع ترك الورثة للشأن الروحي فقط، حتى ينعموا بالزهد والبركة لوجه الله لا طمعا في سلطة أو جاه، بعض التعليقات ذهبت أبعد من ذلك حيث قال أحد الرواد “أليست الزوايا مؤسسة للفضيلة والزهد؟ فلماذا تترك لهم الثروات التي جمعت باسم القيادة الروحية؟”.
