تحذيرات من تأسيس “دولة داخل دولة” بسبب تعديلات قانونية مثيرة للجدل

وجه رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، انتقادات شديدة اللهجة لمشروع قانون المسطرة الجنائية، محذرا مما وصفه بـ “الانحراف التشريعي الخطير”، الذي تمثله المادتين 3 و7، معتبرا أنهما تشكلان مساسسا صريحا بمبدأ فصل السلط واستقلالية القضاء، وتكرسان لسياسة الإفلات من العقاب.
وأوضح رئيس الجمعية، محمد الغلوسي، أن المادة 3 تمنح السلطة التنفيذية، ممثلة في المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمفتشية العامة لوزارة المالية، سلطة مباشرة على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة، في تعارض مع مقتضيات الدستور ولاسيما الفصل 107، ومع المادة 25 من النظام الأساسي للقضاة التي تؤكد أن قضاة النيابة العامة يخضعون حصراً لسلطة الوكيل العام للملك.
كما اعتبر الغلوسي أن المادتين المذكورتين تمنحان امتيازات خاصة لفئة من المسؤولين تدبر المال العام، في خرق واضح للفصل 6 من الدستور الذي يقر بالمساواة أمام القانون، فضلاً عن تعارضهما مع التزامات المغرب الدولية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وأشارت الجمعية إلى وجود “تواطؤ خطير ومفضوح داخل البرلمان” لتمرير هذه التعديلات، معتبرة أنها تعكس إرادة نخبة سياسية مستفيدة من الفساد والريع لحماية المقربين من المساءلة القضائية والمؤسساتية. وحذرت من أن تمرير المادتين سيقوض الثقة في المؤسسات، ويعيق جهود مكافحة الفساد، ويؤسس لما وصفته بـ”دولة داخل دولة”.
وأكدت الجمعية أنها سبق أن نظمت احتجاجات، وراسلت الأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية ذات الصلة، محذرة من المخاطر التي تهدد دولة الحق والقانون. كما شددت على أن الرهان اليوم معقود على الدولة ومؤسساتها، وعلى المحكمة الدستورية على وجه الخصوص، للتصدي لما اعتبرته “تغول لوبي الفساد”، ولمنع تمرير نصوص قانونية “نكوصية” تستهدف شرعنة الفساد والإثراء غير المشروع.