الجزائر تهاجم الرئيس الموريتاني

في تصعيد إعلامي مفاجئ، شنت صحف جزائرية هجومًا حادًا وغير مسبوق على الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، عقب مشاركته في قمة مصغرة دعا إليها الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، والتي حضرها الغزواني بصفته الرئيس العربي الوحيد المدعو إلى هذا اللقاء الدولي رفيع المستوى، في وقت غابت فيه الجزائر عن قائمة المدعوين.
❖ انتقادات لاذعة تكشف عمق التوتر
صحيفة “أنباء إنفو” الموريتانية، كشفت في عددها الصادر يوم الأحد أن الهجوم قادته صحيفة Le Matin d’Algérie الجزائرية، من خلال مقال للكاتب الجزائري شرفاوي محمد رشيد، الذي استخدم – حسب وصف الصحيفة الموريتانية – لغة هجومية جارحة وعبارات بعيدة كل البعد عن المهنية الإعلامية، حيث خلط بين النقد والتحقير، وتجاوز التحليل إلى التهجم الشخصي.
ورأت “أنباء إنفو” أن السبب الحقيقي وراء هذا الهجوم ليس موقفًا مبدئيًا من القمة أو مضامينها، بل شعور بالمرارة من غياب الجزائر عن الحدث مقابل بروز موريتانيا بصورة مشرفة أمام العالم، حيث رُفع علمها في واجهة البيت الأبيض في لحظة دبلوماسية رمزية أثارت حفيظة بعض الأصوات الإعلامية في الجزائر.
❖ موريتانيا: حضور مسؤول.. ورفض للانجرار
الصحيفة الموريتانية شددت على أن مشاركة الرئيس الغزواني لم تكن سعيًا إلى الأضواء أو استعراضًا سياسيًا، بل جاءت انطلاقًا من التزام نواكشوط بمبادئها في الدبلوماسية الإقليمية والدولية، حيث شارك الغزواني في حوارات محورية حول قضايا الأمن في منطقة الساحل، والتعاون الطاقي، والبنية التحتية، بما ينسجم مع مصالح بلاده والمنطقة ككل.
وأضافت الصحيفة أن هذا الهجوم يعكس استفزازًا مزمناً يظهر كلما سجلت موريتانيا حضورًا لافتًا في المنتديات الدولية، متهمة بعض الأقلام الجزائرية بمحاولة التشويش على استقلالية القرار السياسي لنواكشوط وتمسكها بسيادتها الوطنية.
❖ علاقات تاريخية معقدة.. وردّ موريتاني متزن
في سياق التحليل، أشارت الصحيفة إلى أن العلاقات الموريتانية الجزائرية لم تكن دومًا ودّية، حيث مرت في لحظات تاريخية فارقة بتوترات حادة، خصوصًا حين دعمت الجزائر جماعات مسلحة انطلقت من أراضيها نحو موريتانيا.
ورغم ذلك، تقول الصحيفة، اختارت نواكشوط الصمت والتسامح، تجنبًا لتغذية الخلافات، وإيمانًا بروابط الأخوة بين الشعبين.
كما أكدت أن تكرار الهجمات الإعلامية على موريتانيا يعكس ارتباكًا في الخطاب السياسي الجزائري، ومحاولة لتغطية تراجع تأثير الجزائر في الساحة الدبلوماسية الدولية، مشددة على أن حرية التعبير لا تعني التطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها.
واختتمت صحيفة “أنباء إنفو” بيانها بالتأكيد على أن موريتانيا لن تنساق وراء منطق التراشق الإعلامي، ولن تنجرّ إلى مستنقع الردود الغاضبة، مشيرة إلى أن الرئيس الغزواني يواصل قيادة بلاده بهدوء وثقة ومسؤولية، بعيدًا عن الصخب الإعلامي والشعارات الجوفاء.
وأكدت الصحيفة أن “الكرامة الوطنية لا تُبنى بالانفعال، بل بالثبات على المبادئ والتمسك بالسيادة، وهو ما تجسّده نواكشوط في كل محطة دبلوماسية”.
📌 خلفيات التوتر
هذا التصعيد الإعلامي يكشف مرة أخرى عن الانزعاج الجزائري من استقلالية موريتانيا في مواقفها السياسية، خاصة عندما لا تنخرط في الأجندات الإقليمية التي تحاول الجزائر فرضها داخل الفضاء المغاربي.
ويبدو أن تنامي الحضور الموريتاني على الساحة الدولية، في مقابل تراجع الدور الجزائري، بات يثير قلقًا لدى بعض الجهات، التي ترد عبر حملات إعلامية بدل الحوار السياسي.