اخبار مهمةحوارات الصحافةفي الواجهة

تضييق الخناق على البوليساريو يتواصل وتبدل في مواقف الجوار يربك حسابات الجبهة

تشهد جبهة البوليساريو تضييقًا غير مسبوق في خياراتها الميدانية والدبلوماسية، في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة قلبت موازين النزاع حول الصحراء المغربية لصالح الرباط.
فمنذ عملية تأمين معبر الكركرات أواخر سنة 2020، والتي أنهت فعليًا أحد آخر المنافذ الحيوية للجبهة نحو الجنوب، أصبح المغرب يمسك بزمام السيطرة الأمنية والعسكرية على امتداد الجدار الرملي الدفاعي إلى غاية الحدود مع موريتانيا، في تحول استراتيجي عزّز مواقعه على الأرض ورسّخ واقعًا جديدًا يصعب تجاوزه.

🔐 نهاية معبر الكركرات و”انغلاق الجنوب”
تدخل الجيش المغربي الحاسم في معبر الكركرات، والذي جرى دون احتكاك مباشر، وضع حدًا لمحاولات البوليساريو المتكررة لإغلاقه أو عرقلة الحركة التجارية والمدنية فيه. هذه الخطوة لم تكن فقط نجاحًا ميدانيًا للمغرب، بل شكلت ضربة استراتيجية للجبهة التي فقدت آخر نقطة عبور فعلية نحو الجنوب، وعزلت فعليًا في عمق الأراضي الجزائرية بمنطقة تندوف.

🛑 تحركات لتصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي
بالتوازي مع المكاسب الميدانية، يواجه كيان البوليساريو تحديًا أكبر على المستوى الدولي، يتمثل في تحركات لعدد من الدول والمنظمات لتصنيفه ضمن قوائم الإرهاب، على خلفية الاشتباه في علاقات مفترضة مع جماعات مسلحة تنشط بمنطقة الساحل.
هذا التحول الخطير يُقلّص من هامش المناورة الدبلوماسية للجبهة، ويضع الجزائر، الداعم الرئيسي لها، أمام حرج سياسي وقانوني متزايد.

🧭 موريتانيا: من الحياد الصامت إلى الحياد النشط
وفي تطور لافت، بدأت موريتانيا – التي لطالما التزمت موقف الحياد في النزاع – تتبنى مقاربة أمنية جديدة أكثر صرامة.
فقد كشف موقع “أنفو الموريتاني” أن نواكشوط أغلقت أجزاءً من حدودها الشمالية الشرقية، وشددت الرقابة على المعابر غير الرسمية التي كانت تستخدم سابقًا لأغراض التسلل أو التهريب أو التواصل مع بعض القبائل والمجموعات الحدودية.

ورغم أن هذه الإجراءات تبدو في ظاهرها أمنية، إلا أنها – حسب الموقع – تعكس تحولًا في الموقف السياسي الموريتاني، نحو ما يمكن وصفه بـ”الحياد النشط”، القائم على حماية الاستقرار الداخلي والابتعاد عن أي انجرار محتمل إلى صراع مسلح غير مضمون العواقب.

🕸️ البوليساريو محاصَرة من كل الجهات
إزاء هذا التبدل في مواقف الدول المجاورة، تبقى خيارات البوليساريو محدودة. فمحاولة نقل أنشطتها إلى دولة أخرى أو التحول إلى العمل السري تصطدم بجدار أمني إقليمي مشدد، وتحالفات جديدة لا تمنح الجبهة أي مجال للمناورة.

وبحسب المصدر الموريتاني، تبدو موريتانيا الدولة الأكثر حساسية واستباقية تجاه أي تحرك غير محسوب، ويستحيل – سياسيًا وواقعيًا – أن تحتضن نشاط الجبهة، لما لذلك من تداعيات خطيرة على توازناتها الداخلية والإقليمية.

ترافق هذا الانسداد مع تراجع كبير في زخم الاعترافات الدولية بالجبهة، وتحولها – بحسب المصدر ذاته – من “شبه فاعل دبلوماسي” إلى كيان رمزي محدود التأثير، لا تواكبه أي آلية دولية جدية، ولا يُؤخذ برأيه في مسارات التسوية الجديدة.

⚠️ الجزائر: دعم مكلف في ظل أزمة داخلية
الجزائر، التي كانت لعقود الراعي الرسمي والداعم المطلق للبوليساريو، تواجه اليوم ضغوطًا اقتصادية واجتماعية متفاقمة تجعل من مواصلة هذا النوع من الالتزام عبئًا متزايدًا ومردوده السياسي موضع شك.

فبين الاضطرابات الاجتماعية، وتراجع الإيرادات خارج المحروقات، واحتدام المنافسة الإقليمية، لم تعد الجزائر في موقع يسمح لها بتمويل كيان فاقد للمصداقية الدولية ومحدود التأثير الميداني.

📌 خلاصة المشهد: مستقبل غامض ومناورات محدودة
في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن جبهة البوليساريو تتجه نحو فقدان تدريجي لدورها في معادلة النزاع، وتضييق مطّرد في خياراتها السياسية والميدانية.
فلا الجوار الموريتاني يقبل المغامرة، ولا الجزائر قادرة على الاستمرار بنفس النسق، فيما المجتمع الدولي بات أكثر ميلًا لحل سياسي واقعي يُراعي المبادرة المغربية بالحكم الذاتي.

اظهر المزيد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

Back to top button