الاعتراف البريطاني يُربك النظام الجزائري وتبون يشتري موقفا ضبابيا من رواندا

في ظل الزخم الدبلوماسي المتصاعد الذي يشهده ملف الصحراء المغربية، وبعد أن التحقت بريطانيا رسميا بركب الدول الكبرى الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، يستمر النظام الجزائري في ممارسة أساليبه المعتادة لكسب مواقف هشة مساندة لأطروحته الانفصالية، عبر الاستغناء عن ملايين الدولارات من أموال الشعب الجزائري في صفقات وهمية خاسرة لا تتجاوز حدود الورق، من أجل تلميع صورته والتستر على فشله الذريع.
وتمثلت آخر هذه المحاولات، في الزيارة الرسمية التي سارع النظام الجزائري إلى تنظيمها بقصر المرادية، بين الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، والرئيس الرواندي بول كاغامي، بعد أقل من أسبوع عن إعلان المملكة المتحدة لدعمها الواضح لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، واعتبارها أن هذا الحل بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وبعد الدعم المتزايد الذي حصلت عليه الرباط من عدد من الدول الإفريقية والأوروبية والدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا وبريطانيا، وضع المغرب نفسه في موقع قوة داخل مجلس الأمن، ليقرر النظام الجزائري استهداف الدول ذات المواقف الضبابية، وإغرائها بمفاتنه من أموال الغاز الجزائري لإصدار موقف موارب حول قضية الصحراء، حيث تحدث تبون، عقب الزيارة، عن “تقارب وجهات النظر بين البلدين” فيما يخص عدد من النزاعات الإقليمية، ومنها النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وجاء على لسان تبون خلال ندوة صحفية مشتركة عقبة هذه الزيارة: “أعرب عن الارتياح لتقارب وجات النظر بين بلدينا في العديد من القضايا الإقليمية والدولية… وفي سياق ذلك تبادلنا الآراء حول مناطق التوثر والنزاع في إفريقيا وأكدنا دعمنا للشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير عبر الاستفتاء”، وهو الخطاب ذاته الذي ظلت الجزائر تكرره لعقود رغم تقادم صلاحيته وتجاوزه من قبل الأمم المتحدة والفاعلين الدوليين، لعدم جديته وواقعيته.
وشملت هذه الزيارة، التوقيع على مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون في عدد من القطاعات، التي ستصرف عليها الجزائر من أموال شعبها ، ومنها “قطاعات المواصلات السلكية واللاسلكية، ريادة الأعمال والابتكار والاتصال الرقمي، ترقية الاستثمار، الصناعة الصيدلانية، التكوين المهني والاتصال، قطاعات الفلاحة وتربية المواشي، التعليم العالي والبحث العلمي وتطوير تكنولوجيا الابتكار، إلى جانب خدمات النقل الجوي والتعاون القضائي والشرطة وكذا الإعفاء من التأشيرة لحاملي جواز السفر الدبلوماسي وجواز لمهمة”.
وأبدت الجزائر استعدادها لدفع مقابل “سمين” من أموال شعبها، مقابل انتزاع موقف “ضبابي” من بلد بحجم رواندا، حيث كشفت الاتفاقيات الموقعة عن حجم الأموال والاستثمارات التي ضختها الجزائر في الاقتصاد الرواندي، ما يطرح تساؤلات عميقة حول أولويات السياسة الخارجية الجزائرية، التي تنجح بشكل لافت في إهدار ثروات الشعب في صفقات فاشلة بدون مردودية على أرض الواقع.
ولا تعدو الخطوة الجزائرية، و”التقارب الجزائري الرواندي” المزعوم، أن تكون مجرد فقاعة إعلامية في مواجهة قرار بريطاني تاريخي ومفصلي، يعيد ترتيب مواقف المنتظم الدولي تجاه النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، بالنظر إلى أنه ليس مجرد موقف رمزي، بل هو إشارة واضحة لاقتراب موعد الحسم النهائي لهذا الملف وإسدال الستار على آخر فصوله.