اخبار مهمةحوارات الصحافةفي الواجهة

الطموح النووي المغربي بين الواقع والطموح

تتسارع التحولات في مشهد الطاقة العالمي، وتحت وطأة التغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية، يتزايد الجدل حول مستقبل الطاقة النووية، خاصة في الدول النامية. وضمن هذا السياق، سلط “التقرير الدولي لوضع الصناعة النووية لعام 2024” الضوء على موقع المغرب داخل المشهد النـووي الإفريقي، مشيرًا إلى فرصه وتحدياته وسط نمو غير مسبوق لمصادر الطاقة المتجددة.

المغرب مؤهل تقنيًا لبناء مفاعل نووي
يُعد المغرب من بين أربع دول إفريقية تمتلك شبكة كهرباء تفوق سعتها 10 غيغاواط، إلى جانب الجزائر، ليبيا، ونيجيريا. ووفقًا لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن هذا المؤهل يعطي المغرب القدرة التقنية على استضافة مفاعل نووي بقدرة 1 غيغاواط دون التأثير على استقرار الشبكة الكهربائية الوطنية.

ورغم توفر هذا الشرط التقني، لم يسجل التقرير أي تقدم فعلي نحو إنشاء منشأة نووية في المغرب، رغم توقيع مذكرة تفاهم عام 2017 مع شركة “روساتوم” الروسية بشأن الاستخدامات السلمية للطاقة النـووية.

الطاقة المتجددة تسبق السباق النووي
يعترف التقرير بالتحديات الكبيرة التي تواجه الطاقة النـووية في المغرب، أبرزها النمو السريع للطاقة المتجددة، والتي باتت تقدم حلولاً أسرع وأرخص. ففي عام 2023، سجلت الطاقة المتجددة في المغرب نموًا قياسيًا بنسبة 14%، حسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، مما يعزز موقعها كمصدر مفضل للطاقة المستقبلية.

كما أن تكلفة الطاقة النـووية، وطول أمد تنفيذ المشاريع، يعززان التوجه نحو بدائل أكثر مرونة وفعالية، خاصة في ظل ضغوط التمويل والتحديات التقنية التي ترافق المفاعلات النووية التقليدية.

هل تكون المفاعلات الصغيرة خيار المغرب الجديد؟
في ظل هذه التحديات، يشير التقرير إلى أن المفاعلات النـووية الصغيرة النمطية (SMRs) قد تشكل فرصة حقيقية للمغرب. هذه التكنولوجيا الناشئة تقدم حلاً أكثر مرونة، يتناسب مع شبكات كهرباء متوسطة السعة، وتتميز بتكلفة أقل وفترات بناء أقصر مقارنة بالمفاعلات التقليدية.

دول مثل غانا بدأت فعليًا مفاوضات مع شركات أمريكية ويابانية لإطلاق مشاريع SMRs، ما يطرح سؤالاً حيويًا حول مدى استعداد المغرب للحاق بهذا التطور التكنولوجي، خصوصًا وأنه يتمتع بميزة تقنية واضحة على مستوى القارة.

رغم الطموحات، يُحذر التقرير من الاعتماد المفرط على المشاريع النـووية الكبرى، بسبب الأزمة العالمية في صناعة المفاعلات. فعدد الشركات القادرة على تصميم وبناء هذه المنشآت محدود جدًا، وتعاني من أزمات مالية خانقة:

شركة EDF الفرنسية: مديونية تتجاوز 60 مليار دولار

شركة KEPCO الكورية: ديون تفوق 140 مليار دولار

الشركات الصينية: متأثرة بالعقوبات الأمريكية

روساتوم الروسية: تعاني من تبعات الأزمة الأوكرانية والعقوبات الغربية

هذه التحديات تقلل من فرص التعاون الدولي في المجال النووي، وتدفع الدول إلى مراجعة خططها في ظل بيئة دولية متقلبة.

رغم الإمكانيات التقنية والطموحات السياسية، يؤكد “تقرير الصناعة النووية” أن المشروع النووي في المغرب لا يزال في مرحلة التفكير والتخطيط. عوامل كثيرة تقف عائقًا أمام التنفيذ، على رأسها التمويل، تأهيل الكفاءات، والمنافسة من مصادر الطاقة المتجددة.

وفي ظل استمرار التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، سيبقى القرار بيد صناع السياسة في المغرب لتحديد ما إذا كانت الطاقة النووية خياراً استراتيجياً للمستقبل، أم مجرد ورقة مؤجلة إلى إشعار آخر.

اظهر المزيد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

Back to top button