مقال خطير نشرته جريدة “لوموند” عن دولة الجنرالات: “الغاز اشترى صمت دول الغرب على الوضع بالبلاد”.
دار الخبر -لوموند.
كتبت اليومية الفرنسية (لوموند)، السبت، أنه بعد ما يقرب من أربع سنوات على الحراك السلمي، أصبح المناخ السياسي في الجزائر قاتما حيث يكثف النظام مطاردة آخر النوى الاحتجاجية.
وأوضحت اليومية، في مقال تحت عنوان “من الحراك إلى القمع، الجزائر تدخل في حقبة جديدة”، أنه في مواجهة هذا القمع، اختار المعارضون النزوح الجماعي والفرار على نطاق واسع من الجزائر، مشيرة إلى أن الجزائر بلد “في حالة انجراف استبدادي كامل حيث ينتظر الاعتقال أولئك الذين دعموا الحراك، ولاسيما أولئك الذين واصلوا النضال بعد فقدان الزخم في الحراك الشعبي الذي بدأ في ربيع العام 2020، بسبب قيود مكافحة الكوفيد.
وسجلت أن الآلاف فضلوا الذهاب إلى المنفى في فرنسا وأماكن أخرى في أوروبا، أو حتى في كندا، مستحضرة قضية المعارضة أميرة بوراوي، التي واجهت معادلة بسيطة: السجن أو المنفى.
وأوضحت الصحيفة “لقد مر البعض عبر تونس، وهي مرحلة حساسة وخطيرة منذ أن عززت الجزائر نفوذها على نظام قيس سعيد.
وأميرة بوراوي تدين بخلاصها فقط لحيازتها جواز سفر فرنسي”، مضيفة أن آخرين لم يحظوا بهذه الفرصة مثل “سليمان بوحفص، المؤيد لحركة تقرير مصير القبائل (الماك) والمعتنق للديانة المسيحية، الذي اختطفه مجهولون في غشت 2021 في قلب تونس العاصمة وأعادوه قسرا إلى الجزائر”.
وتابعت بالقول “إن مثل هذا النزوح الجماعي يمكن أن يخدم مصالح النظام الجزائري بتخليصه من النشطاء. ومع ذلك، تحاول الجزائر العاصمة وقف هذه الموجة من المغادرين خوفا من أن هؤلاء المعارضين، بمجرد خروجهم، سينشرون على نطاق واسع معلومات عن القمع الداخلي، ومن هنا جاءت المئات من قرارات منع الخروج من التراب الوطني التي حكمت بها المحاكم ضد المتعاطفين مع الحراك”.
وسجلت اليومية الفرنسية أن ما يقرب من 300 من سجناء الرأي يقبعون الآن خلف القضبان الجزائرية، مشيرة إلى أن استمرار حل الهياكل الرمزية للمجتمع المدني.
وفي الوقت ذاته، يواصل المجال الإعلامي التراجع، لاسيما بعد إغلاق مجموعة (Interface Médias)، التي تجمع بين (راديو إم) ومجلة (Maghreb Emergent) نهاية دجنبر 2022، واعتقال الصحفي المؤسس لها إحسان القاضي، وفقا للمصدر ذاته، الذي يضيف أن “الصحافة الجزائرية ليست سوى ظل لنفسها”.
وأكدت (لوموند) “يجب أن نقرر ما هو واضح: لقد دخلت الجزائر في عهد جديد. هذه “الجزائر الجديدة” التي دعا إليها رئيسها عبد المجيد تبون، المنتخب في دجنبر 2019، تراجعت بشكل كبير في مجال الحريات والحقوق”.
وأضافت “مع الحراك، الذي كان بمثابة زلزال غير مسبوق واهتزاز للمجتمع الجزائري، بدت كل الآمال مسموحة. ومن هنا جاء ألم خيبة الأمل عندما استعاد النظام السيطرة، بمساعدة تدابير كوفيد 19، في ربيع عام 2020، وشدد الخناق الأمني حول الحراك”.
وسجلت الصحيفة أن النظام الجزائري استفاد من فرصة مزدوجة: “أزمة كوفيد-19، التي بررت حظر التجمعات الاحتجاجية باسم الأمن الصحي، والحرب في أوكرانيا، التي كانت مفيدة للغاز والنفط الجزائريين، حيث ارتفعت أسعار المحروقات مما مكن النظام الجزائري من شراء السلم الاجتماعي”، مضيفة أن الحرب في أوكرانيا “فرضت الجزائر كبديل للغاز الروسي، مما جعل الغرب يقلل من اهتمامه بحقوق الإنسان”.
وأوضحت أن هذا الوضع الدولي المزدوج لن يكون كافيا لوحده لإنقاذ نظام تبون الذي يستخدم وصفة قديمة، مشيرة إلى أن الاتهام الباطل بـ “الإرهاب”، الذي يذكر بالعقد الأسود، يخيف، بما في ذلك عائلات المعتقلين الذين يرفضون أحيانا الإفصاح عن مصير أقربائهم الذين تتم مقاضاتهم.