محلل سياسي : فرنسا تبتز المغرب.
دار الخبر مراكش:
قال عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، إن السلطات الفرنسية قررت قبل شهور تشديد إجراءات منح المغاربة تأشيرات دخول ترابها بل وصل الأمر الى حد رفض منح أطباء مغاربة “الفيزا” لحضور مؤتمر طبي، وإذا أضفنا الى ذلك ما تعكسه التغطيات المستفزة للإعلام الفرنسي والتقارير المخدومة للمنظمات الدولية التي تملك فيها باريس تأثيرا كبيرا، سيكون من المشروع التساؤل عن الغاية من ذلك، وما الذي يثير حفيظة باريس اتجاه بلدنا؟ بل ماذا تريد فرنسا من المغرب؟.
وأضاف المحلل السياسي، في تدوينة على “الفايسبوك”، أن “صناع القرار الديبلوماسي داخل الرباط وباريس، يدركون جيدا أن ما يحدث من مواقف باردة صادرة عن السلطات الفرنسية ما هو سوى الجزء الظاهر من جبل جليد الخلافات بين البلدين منذ سنتين على الأقل خصوصا ما بعد اعلان الرباط بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل”، معتبرا أن الخلاف أكبر من قرار تقييد منح التأشيرات، وأبعد مدى، لكن بقي الى حدود اليوم في الغرف المغلقة ويُدار من طرف السلطات الفرنسية بطرق مواربة وعبر القنوات غير الدبلوماسية، لكن ظهور بعض القرارات المتشنجة والتعابير الاعلامية المستفزة والتقارير التي تستهدف مؤسساتنا السيادية للعلن جميعها مؤشرات دالة على أن وراء الأكمة ما وراءها.
وأوضح الشرقاوي، أن “الحقيقة الساطعة هو أن فرنسا تحاول من خلال حربها الباردة ابتزاز المغرب، قصد دفعه إلى اتّخاذ قراراتٍ تخدم مصالحها في الملفّات الاقتصادية والجيوستراتيجية، لأنّها تعلم أنّ المغرب، له إرادة واضحة لتنويع شراكاتها الإستراتيجية والاتجاه إلى خيارات أخرى غير الخيار الفرنسي الوحيد، سواء في مجال التسلح أو الاستثمار أو الاصطفافات الجيوستراتيجية ما قد يزيح فرنسا عن مكانتها المتميزة، تقليديا، مع المغرب، وهو ما تعتبره باريس خروجا عن طوعها ووصايتها.
وتابع الشرقاوي قائلا “إنّ ما ينبغي أن تفهمه فرنسا أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم، وأن المغرب الذي كان يقبل الغموض والمواقف الرمادية ممن يصنفهم ضمن شركاءه الاستراتيجيين لم يعد يقبل سوى بديبلوماسية الوضوح، لذلك ما فتئت الديبلوماسية المغربية تعبّر عن سيادية قراراتها بعيدا عن أيّ أدوار قد تأتي في إطار تدخلات غير مرغوب فيها، فانّ فرنسا تعمل، منذ فترة، وبوتيرة تبدو متسارعة وضاغطة، لدفع المغرب للتوقف عن خياراته الجديدة خصوصا في علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل واسبانيا وألمانيا..
واعتبر أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية، أنه “لهذا اختارت فرنسا الضغط على بلدنا بتلك القرارات، لعلها تجني ما تهدف إليه من مصالح اقتصادية وجيوستراتيجية، وهي على علم، أيضا، أن الوقت يكون قد فاتها في الاستمرار على رأس حلفاء المغرب لأنها لم تراعِ مصالح بلدنا في وحدته الترابية، خصوصا وأن مواقف إسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية اتجاه قضية الصحراء المغربية أصبحت أكثر جرأة ووضوحا من الموقف الفرنسي الذي يريد أن يأخذ العصى من الوسط بحفاظه على مصالحه في المغرب والجزائر وهو ما لم يعد ممكنًا أبدأ.
وأشار الشرقاوي، إلى أن “ما يطلبه المغرب من الصديقة فرنسا هو فقط الوضوح والمواقف العلنية اتجاه وحدتنا الترابية، أما الباقي فمجرد تفاصيل يمكن تجاوزها بقليل من الجهود الديبلوماسية، لا يمكن أن تكون فرنسا الشريك الاقتصادي والثقافي الأول للمغرب والدولة التي تحتضن أكبر جالية مغربية والجمهورية التي تربطها علاقات تاريخية وثيقة ببلدنا، بينما لا تتناسب مواقفها الديبلوماسية مع حجم مصالحها بالمغرب، لذلك على فرنسا أن تراجع مواقفها قبل فوات الأوان فمازال المغرب يكن لها المكانة التي تستحقها، لكن الوضع لن يستمر طويلا وفرنسا وحدها المسؤولة عن ما ستؤول إليه الأمور